تنقيح المقال ـ الجزء العاشر ::: 331 ـ 345
(331)
    وفي بعض كتب أصحابنا كان أبواه من المتمسكين بالشجرة الملعونة ، فترك طريقهما ، وقيل له : كيف تشيّعت وأنت شاميّ حميري ؟! فقال : صبّت عليّ الرحمة صبّاً فكنت كمؤمن آل فرعون (1).
كريه الوجه أسود ذو بصيص يهلّ له الجري إذا رآه تأخّر حينه ولقد رماه ودوفع عن أبي حسن علىّ حديد الناب أزرق ذو لعاب حثيث الشدّ محذور الوثاب فأخطاه بأحجار صلاب نقيع سمامه بعد انسياب
    قال المرزباني : ثمّ حرّك فرسه وثناها وأعطى ما كان معه من المال والفرس للّذي روى له الخبر وقال : إنّي لم أكن قلت في هذا شيئاً.
    وقال ابن المعتز في طبقاته : 7 : كان السيّد أحذق الناس بسوق الأحاديث والأخبار والمناقب في الشعر لم يترك لعلّي بن أبي طالب [ صلوات الله وسلامه عليه ] فضيلة معروفة إلاّ نقلها إلى الشعر ، وكان يملّه الحضور في محتشد لا يذكر فيه آل محمّد [ صلوات الله عليهم ] ولم يأنس بحفلة تخلو من ذكرهم .. أقول : لا غرو لمثل هذا العبقري الفذّ أن ينال شرف ترحّم الإمام عليه السلام عليه ، وينال وعده بأنّ الله تعالى يرحمه ويدخله جنّته التي وعد أولياءه إن قال الحقّ ، وقد قال ونظم قصيدته التي أشرنا إليها ، وينال رئاسة الشعراء في زمانه ، وأن يكون رأساً ، وأن ينال شرف كونه أحد الأربعة الّذي انتهى إليهم علم الأئمّة عليهم السلام ، فصلوات الله عليه يوم عاش ، ويوم مات ، ويوم يبعث حياً.
1 ـ في الأغاني 7/3 بسنده : .. وحدثني أحمد بن سليمان بن أبي شيخ ، عن أبيه أنّ أبوي السيد كانا أباضيّين ، وكان منزلهما بالبصرة في غرفة بني ضبّة ، وكان السيّد يقول : طالما سبّ أمير المؤمنين [ عليه السلام ] في هذه الغرفة ، فإذا سئل عن التشيع من أين وقع له ، قال : غاصت عليّ الرحمة غوصاً.
    وقال المرزباني بسنده : .. أخبرني محمّد بن زكريّا العلائي ، قال : حدّثتني العباسّة بنت السيّد قالت : قال لي أبي : كنت وأنا صبيّ اسمع أبويّ يثلبان أمير المؤمنين عليه السلام فأخرج عنهما وأبقى جائعاً ، واُوثر ذلك على الرجوع إليهما فأبيت في المساجد جائعاً لحبّي فراقهما ، وبغضي إيّاهما ، حتى إذا أجهدني الجوع رجعت فأكلت ،


(332)

ثمّ خرجت ، فلمّا كبرت قليلا وعقلت وبدأت أقول الشعر قلت لأبويّ : أنّ لي عليكما حقّاً يصغر عند حقّكما عليّ فجنّباني إذا حضرتكما ذكر أمير المؤمنين [ عليه السلام ] بسوء فإنّ ذلك يزعجني ، وأكره عقوقكما بمقابلتكما ، فتماديا في غيّهما ، فانتقلت عنهما ، وكتبت إليهما شعراً وهو :
خف يا محمّد فالق الإصباح أتسبّ صنو محمّد ووصيّه هيهات قد بعدا عليك وقرّبا أوصى النبيّ له بخير وصّية من كنت مولاه فهذا فاعلموا وأزل فساد الدين بالإصلاح ترجو بذلك فوزة الإنجاح منك العذاب وقابض الأرواح يوم الغدير بأبين الإفصاح مولاه قول إشاعة وصراح
    [ إلى آخر الأبيات في غدير يأته ] فتواعدني بالقتل ، فأتيت الأمير عقبة بن مسلم فأخبرته خبري ، فقال لي : لا تقربهما .. وأعدّ لي منزلا أمر لي فيه بما احتاج إليه ، وأجرى عليّ جراية تفضل على مؤونتي.
    وقال المرزباني : كان أبواه يبغضان عليّاً عليه السلام فسمعهما يسبّانه بعد صلاة الفجر ، فقال :
لعن الله والديّ جميعاً حكما غدوة كما [ ظ. كلّما ] صليا الفجر لعنا خير من مشى فوق ظهر الـ كفرا عند شتم آل رسول الـ والوصيّ الّذي به تثبت الأر وكذا آله أولو العلم والفهـ خلفاء الإله في الخلق بالعد صلوات الإله تترى عليهم ثم أصلاهما عذاب الجحيم بلعن الوصيّ باب العلوم أرض أو طاف محرماً بالحطيم لّه نسل المهذّب المعصوم ض ولولاه دكدكت كالرميم م هداة إلى الصراط القويم ل وبالقسط عند ظلم الظلوم مقرنات بالرحب والتسليم
    أقول : البيت الأوّل ذكره في فوات الوفيات 1/188 برقم 72 ، وذكر في الوافي بالوفيات 9/196 برقم 4103 ، البيتين الأوّلين وتجد الأبيات الثمانية في ديوانه الذي جمعه شاكر هادي شكر : 392 وانظر : الغدير 2/233 ـ 234.
    وروى المرزباني أيضاً بسنده : .. عن حودان الحفّار بن أبي حودان ، عن أبيه
ـ وكان أصدق النّاس ـ أنّه قال : شكا إليّ السيد أنّ أمّه توقظه بالليل وتقول : إنّي


(333)
    وكان الأصمعي (1) يقول : لولا أنّه يسبّ الخلفاء في شعره لقلت : أنّه سيّد الشعراء ، وكانت الأشراف والأمراء تبالغ في إكرامه ، حتى أنّ المنصور لعنه الله ـ مع اشتهاره بالنصب ـ عزل سوّار بن عبد الله عن القضاء لما ردّ شهادته وقذفه بالرفض *.
أخاف أن تموت على مذهبك فتدخل النار ، فقد لهجت بعليّ وولده فلا دنيا ولا آخرة ، ولقد نغّصت عليّ مطعمي ومشربي ، وقد تركت الدخول إليها ، وقلت أنشد قصيدة منها :
إلى أهل بيت ما لمن كان مؤمناً وكم من شقيق لامني في هواهُم تقول ولم تقصد وتعتب ضلّة وفارقت جيراناً وأهل مودّة فأنت غريب فيهم متباعد تعيبهم في دينهم وهم بما فقلت : دعيني لن أحبّر مدحة أتنهيني عن حبّ آل محمد ؟! وحبّهم مثل الصلاة وإنّه من الناس عنهم في الولاية مذهب وعاذلة هبّت بليل تؤنّب وآفة أخلاق النساء التعتّب ومن أنت منه حين تدعى وتنسب كأنّك ممّا يتّقونك أجرب تدين به أزرى عليك وأعيب لغيرهم ما حجّ لله أركب وحبّهم ممّا به أتقرّب على الناس من بعد الصلاة لأوجب
    جاء في غير واحد من المصادر انظر : الغدير 2/232.
1 ـ في الأغاني 7/5 بسنده : .. قال : حدثني التوزي ، قال : قال لي الأصمعي : أُحبّ أن تأتيني بشيء من شعر هذا الحميري ـ فعل الله به وفعل ـ فأتيته بشيء منه فقرأه ، فقال : قاتله الله ما أطبعه وأسلكه لسبيل الشعراء ، والله لولا ما في شعره من سبّ السلف لما تقدّمه من طبقته أحد.
(*) قصّته مشهورة ذكرها أبو الفرج في كتابه الكبير. [ منه ( قدّس سرّه ) ].
    في الأغاني 7/17 قال : وبلغ السيّد أنّ سواراً قد أعدّ جماعة يشهدون عليه بالسرقة ليقطعه ، فشكاه إلى أبي جعفر ، فدعا بسوار ، وقال له : قد عزلتك عن الحكم للسيد أو عليه ، فما تعرّض له بسوء حتى مات.
    وسوف نذكر بعض مواقف سوّار مع السيّد ليتّضح مدى بغض سوّار وأشياعه لآل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وشيعتهم.


(334)
    وفي العيون (1) : عن الرضا عليه السلام رأى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في المنام وعنده عليّ والزهراء والحسنان عليهم السلام ، وبين يديه صلّى الله عليه وآله رجل يقرأ قصيدة : لأمّ عمرو .. فرحّب به النبي صلى الله عليه وآله وقال : صلّى الله عليه وآله وسلّم : سلّم عليهم ، فسلّم عليهم واحداً بعد واحد ، ثمّ قال له : سلّم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيّد إسماعيل ، ولمّا فرغ من إنشاد القصيدة قال له : يا علي ! * احفظ هذه القصيدة ، ومر شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أنّ من حفظها ، وأَدْمَنَ قراءتها ضمنت له الجنة على الله تعالى ، ولم يزل يكرّرها صلّى الله عليه وآله عليه السلام حتى حفظها (2).
1 ـ ذكر هذا المنام السيّد القاضي نور الله قدّس سرّه في مجالس المؤمنين 2/508 عن أبي عمرو الكشي ، والشيخ أبو عليّ في رجاله منتهى المقال : 59 [ الطبعة المحقّقة 2/91 ـ 92 تحت رقم ( 386 ) ] ، عن عيون أخبار الرضا عليه السلام وليس في النسخ المطبوعة من العيون ، ورجال الكشي ذكر عن المنام ، ولعله حذف المنام في الطبعة من رجال الكشّي ، والعيون ويوجد ذكر المنام في رياض الجنّة المخطوط على ما قيل وغيره.
(*) المراد ب‍ : عليّ هذا هو الرضا ، بقرينة قوله عليه السلام : ومر شيعتنا .. إلى آخره فإنّ أمر الشيعة إنّما يكون من الحيّ وهو الرضا عليه السلام دون أمير المؤمنين عليه السلام المفارق للدنيا. [ منه ( قدّس سرّه ) ].
3 ـ أقول : وذكر المرزباني في أخبار السيّد رحمه الله : 35 ، وفي الأغاني 7/12 أيضاً باختلاف يسير ـ واللفظ للأغاني ـ بسنده : .. قال : حدثني أبو إسماعيل إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن بن طباطبا ، قال : سمعت زيد ابن موسى بن جعفر يقول : رأيت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في النوم ، وقدّامه رجل جالس عليه ثياب بيض ، فنطرت إليه فلم أعرفه ، إذ التفت إليه رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فقال : يا سيّد ! أنشدني قولك لاّم عمرو باللوى مربع .. فأنشده إيّاها كلّها ، ما غادر منها بيتاً واحداً فحفظتها عنه كلّها في النوم ، قال أبو إسماعيل : وكان زيد بن موسى لحّانة رديء الإنشاء ، فكان إذا أنشد هذه القصيدة لم


(335)

يتعتع فيها ولم يلحن.
    وفي صفحة : 24 بسنده : .. عن أبي داود المسترق ، عن السيّد : إنّه رأى النّبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في النوم ، فاستنشده ، فأنشده قوله :
لاّم عمرو باللوى مربع طامسة أعلامها بلقع
    حتى انتهى إلى قوله :
قالوا له لو شئت أعلمتنا إلى من الغاية والمفزع
    فقال : حسبك ، ثمّ نفض يده وقال : قد والله أعلمتهم.
    ولكن في خصائص الأئمّة للشريف الرضي : بعد أن ذكر الرؤيا وإنشاد السيّد قال : فنظر رسول الله صلّى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وتبسّم ، وقال : « أولم أعلمهم .. ؟! أو لم أعلمهم .. ؟! » ، ثمّ قال لزيد : « إنّك تعيش بعدد كل مرقاة رقيتها سنة واحدة » ، قال : فعددت المراقي وكان نيّفاً وتسعين مرقاة ، فعاش زيد نيفاً وتسعين سنة ، وهو الملقّب ب‍ : زيد النار.
    وروى المجلسي رضوان الله تعالى عليه في بحار الأنوار 47/328 ـ 332 ، والقاضي نور الله التستري في مجالس المؤمنين 2/508 ـ والعبارة لبحار الأنوار ـ بسنده : .. عن سهل بن ذبيان قال : دخلت على الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في بعض الأيام ـ قبل أن يدخل أحد من الناس ـ فقال لى : مرحباً بك يابن ذبيان ، الساعة أراد رسولنا أن يأتيك لتحضر عندنا ، فقلت : لماذا يابن رسول الله ؟ فقال : لمنام رأيته البارحة وقد أزعجني وأرّقني ، فقلت : خيراً يكون إن شاء الله تعالى ، فقال : يابن ذبيان ! رأيت كأنّي قد نصبت لي سلّم فيه مائة مرقاة ، فصعدت إلى أعلاه ، فقلت : يا مولاي ! أهنيك بطول العمر وربّما تعيش مائة سنة لكل مرقاة سنة ، فقال لي عليه السلام : « ما شاء الله كان » ، ثمّ قال : « يابن ذبيان ! فلمّا صعدت إلى أعلى السلّم رأيت كأنّي دخلت في قبّة خضراء يرى ظاهرها من باطنها ، ورأيت جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم جالساً فيها ، وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان ، يشرق النور من وجوههما ، ورأيت امرأة بهيّة الخلقة ، ورأيت بين يديه شخصاً بهيّ الخلقة جالساً عنده ، ورأيت رجلا واقفاً بين يديه وهو يقرأ هذه القصيدة :
لاّم عمرو باللوّى مربع ............

(336)
    هذا ما عثرنا عليه من كلماتهم في ترجمة الرجل.
    وتنقيح المقال يتمّ بالتنبيه على أمور تستفاد ، منها :
    الأوّل : إنّ السيّد لم يكن علويّاً ولا هاشميّاً ، وإنّما أطلق عليه السيّد لقباً من أمّه ، وأمضى ذلك اللقب الإمام الصادق عليه السلام وجعله سيّد الشعراء كما نطقت بذلك الرواية الأخيرة من روايات الكشّي المزبورة.
فلمّا رآني النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال إليّ : « مرحباً بك يا ولدي يا عليّ ابن موسى الرضا ، سلّم على أبيك عليّ » [ عليه السلام ] ، فسلّمت عليه ، ثمّ قال : « سلّم على أمّك فاطمة الزهراء » ، فسلّمت عليها ، فقال لي : « وسلّم على أبويك الحسن والحسين » [ عليهما السلام ] فسلّمت عليهما ، ثمّ قال لي : « وسلّم على شاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيّد إسماعيل الحميري » ، فسلّمت عليه وجلست ، فالتفت النبيّ إلى السيّد إسماعيل ، فقال له : عُد إلى ما كنّا فيه من إنشاد القصيدة ، فأنشد يقول :
لاّم عمرو باللوى مربع طامسة أعلامه بلقع
    فبكى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فلمّا بلغ إلى قوله :
................ ووجهه كالشمس إذ تطلع
    بكى النبي صلّى الله عليه وآله وفاطمة عليها السلام معه ومن معه ، ولمّا بلغ إلى قوله :
قالوا له لو شئت أعلمتنا إلى من الغاية والمفزع
    رفع النبي [ صلّى الله عليه وآله ] يديه وقال : « إلهي أنت الشاهد عليّ وعليهم إنّي أعلمتهم أنّ الغاية والمفزع عليّ بن أبي طالب » ، وأشار بيده إليه ـ وهو جالس بين يديه صلوات الله عليه ـ.
    قال عليّ بن موسى الرضا عليه السلام : « فلمّا فرغ السيّد إسماعيل الحميري من إنشاد القصيدة التفت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إليّ » وقال لي : « يا عليّ بن موسى ! إحفظ هذه القصيدة ومُر شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أنّ من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له الجنّة على الله تعالى ». قال الرضا عيله السلام : « ولم يزل يكررها عليّ حتى حفظتها منه » .. إلى آخره.


(337)
    الثاني : إنّ مقتضى ما سمعته ممّا مرّت حكايته عن ابن شهراشوب هو أنّ السيّد كان في بدء الأمر خارجياً (1) ، ثمّ كيسانياً ، ثمّ إماميّاً ، فصيرورته قبل موته بكثير إماميّاً مسلّمة لا شبهة فيها ، ومقتضى ما مرّ نقله عن بعض كتب الأصحاب أنّ أبويه كانا من المتمسّكين بالشجرة الملعونة (2).
1 ـ ما قاله ابن شهرآشوب في معالم العلماء : 146 فصل المجاهرين من ( أنّ السيّد كان خارجياً ثمّ كيسانياً ثمّ إماميّاً ) وقد صرّح جمع بأنّ أبويه كانا أباضيّين وقد انكر عليهما سبّهم لأمير المؤمنين عليه السلام فهددوه بالقتل فانتقل عنهم ، صرّح بذلك جمع من الأعلام ولم يكن يوماً من الأباضيين والأمويين ولا يبعد حصول التصحيف فيما نسب إلى ابن شهرآشوب قدّس سرّه.
2 ـ
كلمات علماء الإماميّة في المترجم
    أقول : مع أنّ المؤلف قدّس الله روحه الطاهرة قد ذكر شطراً من كلمات علمائنا الإمامية رضوان الله عليهم أجمعين ، وذكرت بعض ما لم يتعرّض له ، إلاّ أنّه بقي شطر آخر أحببت ذكره ليتمكن الباحث من الوقوف على جلّ ما قيل عن المترجم وما نقل عنه.
    فنقول : قال الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه بسنده : .. في الفصول المختارة 1/61 ـ 64 [ الطبعة المحقّقة 2/92 ـ 95 من سلسلة مصنّفات الشيخ المفيد ] : حدثني معاذ بن سعيد الحميري ، قال : شهد السيّد إسماعيل بن محمّد الحميري رحمه الله عند سوّار القاضي بشهادة ، فقال له : ألست إسماعيل بن محمّد الّذي يعرف بالسيد ؟ فقال : نعم ، فقال له : كيف أقدمت على الشهادة عندي ، وأنا أعرف عداوتك للسلف ؟ فقال السيد : قد أعاذني الله من عداوة أولياء الله ، وإنّما هو شيء لزمني ، ثمّ نهض ، فقال له : قم يا رافضيّ ، فو الله ما شهدت بحقّ ، فخرج السيّد رحمه الله وهو يقول :
أبوك ابن سارق عنز النبي ونحن على رغمك الرافضو وأنت ابن بنت أبي جحدر ن لأهل الضلالة والمنكر
    ثم عمل شعراً وكتبه في رقعة وأمر من ألقاها في الرقاع بين يدي سوّار ، قال : فأخذ الرقعة سوّار ، فلمّا وقف عليها خرج إلى أبي جعفر المنصور ـ وكان قد نزل الجسر الأكبر ـ ليستعدي على السيّد ، فسبقه السيّد إلى المنصور فأنشأ قصـيدته التي يقول


(338)

فيها :
يا أمين الله يا منصور يا خير الولاة نعثلي جمليّ لكم غير موات والّذي كان ينادي من و راء الحجرات فأكفنيه ـ لا كفاه الله شرّ الطارقات إنّ سوّار بن عبد الله من شرّ القضاة جدّه سارق عنز فجرة من فجرات يا هناة اخرج إلينا إنّنا أهل هناة سنّ فينا سنناً كانت مواريث الطغاة
    قال : فضحك أبو جعفر المنصور ، وقال : نصبتك قاضياً فامدحه كما هجوته ، فأنشد السيد رحمه الله يقول :
أنيّ امرؤ من حمير اُسرتي آليت لا أمدح ذا نائل إلاّ من الغرّ بني هاشم إنّ لهم عندي يداً شكرها يا أحمد الخير الّذي إنّما حمزة والطيار في جنّة منهم وهادينا الّذي نحن من لمّا دجا الدين ورق الهدى ذاك عليّ بن أبي طالب دانت وما دانت له عنوة ويوم سلع إذ أتى آتياً [ عاتباً ] يخطر بالسيف مدلاّ كما إذ جلّل السيف على رأسه فخرّ كالجذع وأوداجه بحيث تحوي سروها حمير له سناء وله مفخر إنّ لهم عندي يداً تشكر حقّ وإن أنكرها منكر كان علينا رحمة تنشر فحيث ما شاء دعا جعفر بعد عمانا فيه نستبصر وجار أهل الأرض واستكبروا ذاك الّذي دانت له خيبر حتى تدهدا عرشه الأكبر عمرو بن عبد مصلتاً يخطر يخطر فحل الصرمة الدوسر أبيض عضباً حدّه مبتر ينصب منها حلب أحمر
    وكان أيضاً ممّا جرى له مع سوّار ما حدّث به الحارث بن عبيد الله الربعي ، قال : كنت جالساً في مجلس المنصور ـ وهو بالجسر الأكبر ـ وسوّار عنده والسيد ينشده :
إنّ الإله الّذي لا شيء يشبهه آتاكم الله ملكاً لا زوال له وصاحب الهند مأخوذ برمّته آتاكم الملك للدّنيا وللدّين حتى يقاد إليكم صاحب الصين وصاحب الترك محبوس على هون
    .. حتى أتى على القصيدة ، والمنصور مسرور ، فقال سوّار : هذا ـ والله


(339)

يا أميرالمؤمنين ! ـ يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه ، والله إنّ القوم الّذين يدين بحبّهم لغيركم ، وإنّه لينطوي في عداوتكم.
    فقال السيّد : والله إنّه لكاذب ، وإنّني في مديحك لصادق ، ولكنّه حمله الحسد إذ رآك على هذه الحال ، وإنّ انقطاعي [ إليكم ] ومودّتي لكم أهل البيت لمعرق لي فيها عن أبوي ، وإن هذا وقومه لأعداؤكم في الجاهلية والإسلام ، وقد أنزل الله عزّ وجلّ على نبيّه وعليه وآله السلام في أهل بيت هذا : « إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الُحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ».
    فقال المنصور : صدقت.
    فقال سوّار : يا أمير المؤمنين ! إنّه يقول بالرجعة ، ويتناول الشيخين بالسبّ والوقيعة فيهما.
    فقال السيد : أمّا قوله بأَنـّي أقول بالرجعة ، فإنّ قولي في ذلك على ما قال الله تعالى : « وَيَومْ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِمَّنْ يُكذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ » وقد قال في موضع آخر : « وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغَادِر مِنْهُمْ أَحَداً » فعلمت أنّ هاهنا حشرين أحدهما عامّ والآخر خاصّ ، وقال سبحانه : « رَبَّنَا أَمَتَّنا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفَنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إلَى خُرُوج مِنْ سَبِيل » وقال الله تعالى : « فَأَماتَهُ اللهُ مِاَئَهُ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ » وقال الله تعالى : « أَلَمْ تَـرَ إِلَى الَّذِيْنَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلـُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ، ثُمَّ أَحْياهُمْ » فهذا كتاب الله عزّ وجلّ.
    وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : « يحشر المتكبّرون في صور الذرّ يوم القيامة » وقال صلّى الله عليه وآله وسلم : « لم يجر في بني إسرائيل شيء إلاّ ويكون في أمّتي مثله حتى المسخ والخسف والقذف » وقال حذيفة : « والله ما أبعد أن يمسخ الله كثيراً من هذه الأمّة قردة وخنازير ».
    فالرجعة التي نذهب إليها هي ما نطق به القرآن وجاءت به السُنة ، وإنّني لأعتقد أنّ الله تعالى يردّ هذا ـ يعني سوّاراً ـ إلى الدنيا كلباً ، أو قرداً ، أو خنزيراً ، أو ذرّة ،
فإنّه ـ والله ـ متجبّر ، متكبّر ، كافر ، قال : فضحك المنصور وأنشد السيّد يقول :
جاثيت سوّاراً أبا شملة فقال قولا خطأ كلّه ما ذبّ عمّا قلت من وصمة عند الإمام الحاكم العادل عند الورى الحافي والناعل في أهله بل لجّ في الباطل

(340)

وبان للمنصور صدقي كما يبغض ذا العرش ومن يصطفي ويشنأ الحبر الجواد الّذي ويعتدي بالحكم في معشر فبيّن الله تزاويقه قد بان كذب الأنوك الجاهل من رسله بالنيّر الفاضل فضّل بالفضل على الفاضل أدّوا حقوق الرسل للراسل فصار مثل الهائم الهائل
    قال : فقال المنصور : كفّ عنه ، فقال السيد : يا أمير المؤمنين ! البادي أظلم ، يكفّ عنّي حتّى أكفّ عنه ، فقال المنصور لسوّار : تكلّم بكلام فيه نصفة ، كفّ عنه حتى لا يهجوك. ذكره في الأغاني 7/16 ـ 17 صورة اُخرى من هذه الحادثة ، وذكر هذا الموقف ابن المعتز في طبقات الشعراء : 33 باختلاف واختصار.
    جاء في الفصول المختارة : 298 من الطبعة المحقّقة :
تجعفرت باسم الله والله أكبر ودنت بدين غير ما كنت دايناً فقلت : هب أنـّي قد تهودت برهة فلست بغال ما حييت وراجع ولا قائل قولا لكيسان بعدها ولكنّه من قد مضى لسبيله وأيقنت أنّ الله يعفو ويغفر به ونهاني سيّد الناس جعفر وإلاّ فديني دين من يتنصّر إلى ما عليه كنت أخفي وأضمر وإن عاب جهال مقالي وأكثروا على أحسن الحالات يقضي ويؤثر
    وروى شيخ الطائفة في أماليه 1/201 ـ 202 [ طبعة مؤسسة البعثة : 198 ـ 199 برقم ( 339 ) ] ، بسنده : .. حدثنا جبلة بن محمّد بن جبلة الكوفي ، قال : حدثني أبي ، قال : اجتمع عندنا السيّد بن محمّد الحميري ، وجعفر بن عفّان الطائي ، فقال له السيد : ويحك أتقول في آل محمّد عليهم السلام شرّاً :
ما بال بيتكم يُخرّب سقفه وثيابكم من أرذل الأثواب
    فقال جعفر : فما أنكرت من ذلك ؟ فقال له السيد : إذا لم تحسن المدح فاسكت ، أيوصف آل محمّد بمثل هذا ؟ ولكنّي أعذرك ، هذا طبعك وعلمك ومنتهاك ، وقد قلت أمحو عنهم عار مدحك :
أقسم بالله وآلائه إنّ عليّ بن أبي طالب والمرء عمّا قال مسؤول على التقى والبرّ مجبول

(341)

وإنّه كان الإمام الّذي يقول بالحقّ ويعني به كان إذا الحرب مرتها القنا يمشي إلى القرن وفي كفّه مشي العفرني بين أشباله ذاك الّذي سلّم في ليلة ميكال في ألف وجبريل في ليلة بدر مدداً اُنزلوا فسلّموا لمّا أتوا حذوه له على الأمّة تفضيل ولا تلهيه الأباطيل واحجمت عنها البهاليل أبيض ماضي الحد مصقول أبرزه للقنصِ الغيل عليه ميكال وجبريل ألف ويتلوهم سرافيل كأنّهم طير أبابيل وذاك إعظام وتبجيل
    كذا يقال فيه يا جعفر ! وشعرك يقال مثله لأهل الخصاصة والضعف ، فقبّل جعفر رأسه ، وقال : أنت والله الرأس يا أبا هاشم ، ونحن الأذناب.
    وفي الأمالي 1/234 [ مؤسسة البعثة : 229 برقم ( 405 ) ] ، بسنده : .. قال : أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : وجدت بخطّ محمّد بن القاسم بن مهرويه ، قال : حدثني الحمدوني الشاعر ، قال : سمعت الرياشي ينشد للسيّد بن محمّد الحميري :
إنّ امرءاً خصمه أبو حسن لا يقبل الله منه معذرة لعازب الرأي داحض الحجج ولا يلقّيه حجّة الفلج
    وفي 2/240 [ مؤسسة البعثة : 627 برقم ( 1239 ) ] ، بسنده : .. عن الحسين بن عون ، قال : دخلت على السيّد بن محمّد الحميري عائداً في علّته التي مات فيها ، فوجدته يساق به ، ووجدت عنده جماعة من جيرانه ، وكانوا عثمانية ، وكان السيّد جميل الوجه ، رحب الجبهة ، عريض ما بين السالفتين ، فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد ، ثمّ لم تزل تزيد وتنمي حتّى طبقت وجهه ـ يعني اسوداداً ـ فاغتمّ لذلك من حضره من الشيعة فظهر من الناصبة سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك إلاّ قليلا ، حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء فلم تزل تزيد أيضاً وتنمى حتى اسفر وجهه وأشرق وأفتر السيّد ضاحكاً ، وأنشأ يقول :
قد وربّي دخلت جنّة عدن وعفا لي الإله عن سيّـئاتي

(342)

فابشروا اليوم أولياء عليَّ ثم من بعده تولّوا بنيه كذب الزاعمون أنّ علياً وتولّوا عليّاً حتى الممات واحداً بعد واحد بالصفات لن يُنجّي محبّه من هناةِ
    [ جاء البيت الأخير مقدّماً في الطبعة المحقّقة ].
    ثم أتبع قوله هذا : « أشهد أنّ لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً ، وأشهد أنّ محمداً رسول الله حقّاً حقّاً ، أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّاً حقّاً ، أشهد أنّ لا إله إلاّ الله » ثمّ أغمض عينيه بنفسه ، فكأنـّما كانت روحه ذبالة طفئت ، أو حصاة سقطت.
    وقد ذكر ابن شهر آشوب في المناقب 1/317 للسيد قصيدة تحتوي على سبعة عشر بيتاً ، منها :
على آل الرسول وأقربيه أليسوا في السماء هم نجوم فيامن قد تحيّر في ضلال رسول الله يوم غدير خمّ وثاني أمره الحسن المرجّي وثالثه الحسين فليس يخفى ورابعهم عليّ ذو المساعي وخامسهم محمّد ارتضاه وجعفر سادس النجباء بدر سلام كلّما سجع الحمام وهم أعلام عزّ لا يرام أمير المؤمنين هو الإمام أناف به وقد حضر الأنام له بيت المشاعر والمقام سنا بدر إذا اختلط الظلام به للدين والدنيا قوام له في المأثرات إذاً مقام ببهجته زها البدر التمام
    .. إلى آخر القصيدة في أسماء أئمّة العصمة والطهارة سلام الله عليهم. وقد جاءت في ديوانه رحمه الله : 357 ـ 369 برقم 149 ، والغدير 2/228 ، وكشف الغمة 1/124 وغيرها.
    وللسيد رضوان الله تعالى عليه مقطوعة في رثاء الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام في ثلاثة وعشرين بيتاً ، منها :
أمرر على جدث الحسين يا أعظما لازلت من ما لذّ عيش بعد رضّـ فقل لأعظمه الزكيّه وطفاء ساكبة رويّه ك بالجياد الأعوجيّه

(343)

قبر تضمّن طيّباً آباؤه أهل الرئا والخير والشيم المهذ فإذا مررت بقبره وابك المطهرّ للمطهرّ كبكاء معولة غدت آباؤه خير البريّة سة والخلافة والوصية بة المطيّبة الرّضية فأطل به وقف المطيّة والمطهّرة الزّكية [ خ. ل : النقية ] يوماً بواحدها المنيّة
    تجد تمام المقطوعة في ديوانه : 470 برقم 210 ، وفي الغدير 2/236 خمسة أبيات والبيت الأوّل تجده في ثواب الأعمال : 109 باب ثواب من أنشد في الحسين عليه السلام شعراً فبكى أو أبكى حديث 1 ، وكذلك في كامل الزيارات : 105 باب 33 [ وطبعة نشر الفقاهة : 210 حديث ( 301 ) ] ، واللفظ للكامل بسنده : .. عن أبي هارون المكفوف قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي : أنشدني ، فأنشدته ، فقال : لا ، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره ، قال : فأنشدته :
أمرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكية
    قال : فلمّا بكى أمسكت أنا : فقال : « مر » ، فمررت ، قال : « زدني زدني » ، قال : فأنشدته :
يا مريم قومي فاندبي مولاك وعلى الحسين فأسعدي ببكاك
    قال : فبكى وتهايج النساء ، قال : فلمّا أن سكتن قال لي : « يا أبا هارون .. ».
    وفي الأغاني 7/7 ـ 8 : وذكر التميمي وهو عليّ بن إسماعيل ، عن أبيه قال : كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمّد [ عليهما السلام ] إذ استأذن آذنه للسيد فأمره بإيصاله ، وأقعد حرمه خلف ستر ودخل فسلّم وجلس فاستنشده فأنشده قوله ..
    ثم ذكر الأبيات الخمسة الأُوَل ثمّ قال : قال : فرأيت دموع جعفر بن محمّد تتحدّر على خدّيه ، وارتفع الصراخ والبكاء من داره حتى أمره بالإمساك فأمسك. قال : فحدّثت أبي بذلك لمّا انصرفت ، فقال لي : ويلي على الكيساني الفاعل ابن الفاعل يقول :
فإذا مررت بقبره فأطل به وقف المطيّة ! ؟
    فقلت : يا أبت ! وماذا يصنع ؟ قال : أو لا ينحر ، أو لا يقتل نفسه فثكلته أمّه.
    وفي مختار الأغاني في الأخبار والتهاني 1/229 لمحمد بن مكرم بن منظور


(344)

المولود سنة 630 والمتوفّى 711 طبعة القاهرة سنة 1385 قال في ترجمة
السيّد رحمه الله تعالى : وممّا قال : قال إسماعيل التيمي : كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمّد [ عليه السلام ] وقد استأذن عليه آذنه .. إلى آخر ما في الأغاني وزاد بقوله : وكان الحميري شاعراً مكثراً مطبوعاً ، يقال : إنّ أكثر الناس شعراً في الجاهلية والإسلام ثلاثة : بشّار ، وأبو العتاهية ، والسيد ، فإنّه لا يعلم أنّ أحداً قدر على جمع شعر أحد منهم حتى يستوعبه كلّه ، وليس له من الشعر على كثرته تصرّفه فيه وقوله له : إلاّ وهو موصول بمدح بني هاشم ، وذم غيرهم ممّن هو عنده ضدهم.
    وفي النقض لعبد الجليل القزويني : 185 ، ذكر من أشعار السيّد رحمه الله قوله :
زعم الزاعمون أنّ علياً كذبوا والذي تساق إليه قد وربّي اُسكنت [ دخلت ] جنّة عدن أبشروا أولياء آل علىّ لا ينجيّ وليّه من هنات البدن من ردّ راكباً عرفات وعفا ذو الجلال عن سيئاتي وتوالوا الوصي حتى الممات
    وقال في صفحة : 228 وذكر بيتاً من القصيدة المذهبة :
هلاّ وقفت على المكان المعشب بين الطويلع فاللوى من كبكب
    .. ثم ذكر بيتاً من قصيدته التي يقول فيها :
أيا راكباً نحو المدينة جسرة عذافرة تطوي بها كل سبسب
    وفي صفحة : 522 ، ذكر عن السيّد قوله :
ردّت عليه الشمس لمّا فاته وقت الصلاة وقد دنت للمغرب
    وفي صفحة : 541 ، ذكر شعره في سوّار الذي لم يقبل شهادة السيّد الحميري لتشيعه :
    أبوك ابن سارق عنز النبي .. إلى آخر البيتين ، ثمّ بعض شعره.
    وفي صفحة : 615 قال : ويقول السيّد بن محمّد الحميري :
وعليه قد ردّت ببابل مرّة إلاّ ليوشع أوله من بعده اُخرى وما ردّت لخلق مُعْرب ولرّدها تأويل أمر معجب
    وقال السيّد المرتضى رضوان الله تعالى عليه في أماليه 2/340 : تفسير البيت الذي ذكره السيّد بن محمّد الحميري في قصيدته المذهبّة :
ردّت عليه الشمس لمّا فاته وقت الصلاة وقد دنت للمغرب

(345)

كلمات العامّة في المترجم
    في فوات الوفيّات 1/188 برقم 72 بعد أن ذكر عنوانه قال : كان شاعراً محسناً كثير القول ، إلاّ أنّه كان رافضي [ كذا ] جلد ، زائغ عن القصد ، له مدائح جمّة في آل البيت عليهم السلام ، وكان مقيماً بالبصرة ، وكان أبواه يبغضان عليّاً وسمعهما يسبّانه بعد صلاة الفجر ، فقال :
لعـن الله والدي جـميعاً ............
    إلى أن قال : 189 : ويقال : إن السيّد اجتمع بجعفر الصادق عليه السلام ، فعرّفه خطأه ، وأنّه على ضلالة فتاب .. إلى أنّ قال : ومات أول أيام الرشيد سنة ثلاث وسبعين ومائة ، وولد سنة خمس ومائة ، وكان أحد الشعراء الثلاثة الذين لم يضبط ما لهم من الشعر : هو ، وبشار ، وأبو العتاهية ، وإنّما أمات ذكره وهجره الناس لسبّه الصحابة ، وبغض أمّهات المؤمنين ، وإفحاشه في قذفهم ، فتحاماه الرواة .. إلى أن قال في صفحة : 191 : وقال الصولي : حدثنا محمّد بن عبد الله التميمي ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، عن أبيه ، قال : قلت للفضل بن الربيع : رأيت السيّد الحميري ؟ قال : نعم ، عهدي به واقفاً بين يدي الرشيد ، وقد رفع إليه أنّه رافضي ، وهو يقول : إن كان الرفض حبّكم يا بني هاشم ! وتقديمكم على سائر الخلق فما أعتذر ولا أزول عنه ، وإن كان غير ذلك فما أقول به ، ثمّ أنشده :
شجاك الحيّ إذ بانوا فدمع العين هتّان
    .. إلى أن قال في صفحة : 192 :
علي وأبو ذرّ وعباس وعمّار دعوا فاستودعوا علماً أدين الله بالدّين الـ ومقداد وسلمان وعبد الله إخوان فأدّوه وما خانوا ذي كانوا به دانوا
    وفي الوافي بالوفيات 9/196 برقم 4103 ـ بعد أن عنونه وذكر نسبه ـ قال : أبو هاشم المعروف ب‍ : السيّد الحميري ، كان شاعراً محسناً ، كثير القول ، إلاّ أنّه رافضي جلد ، زائغ عن القصد ، له مدائح جمّة في أهل البيت عليهم السلام ، وكان مقيماً بالبصرة ، قال له بشّار بن برد : لولا أنّ الله تعالى شغلك بمديح أهل البيت لافتقرنا ، وكان أبواه يبغضان عليّاً [ عليه أفضل الصلاة والسلام ] سمعهما يسبّانه بعد صلاة الفجر فقال من الخفيف :
تنقيح المقال ـ الجزء العاشر ::: فهرس