|
|||
(121)
ضروريّات مذهب الشيعة ، وكانت تعدّ يومئذ غلوّا .. فمن بنوا يومئذ على كونه مخلّطاً للروايات المشار إليها لا نبني على اختلاطه اليوم ، بعد كون مفاد تلك الروايات من ضروريّات المذهب.
ولقد أجاد الفاضل المجلسي الأوّل قدّس سرّه (1) حيث قال ـ فيما حكاه عنه في التعليقة ـ (2) : والّذي يخطر ببالي من تتبّع أخباره أنّه كان من أصحاب أسرار الصادقين عليهما السلام ، وكان يذكر بعض المعجزات التي لا تدركها عقول الضعفاء ، حصل به الغلوّ في بعضهم ، ونسبوا إليه افتراء ، سيما الغلاة والعامّة .. .. ثمّ عدّ (3) من تلك الروايات ما ذكره في ترجمة : الكميت ، ممّا رواه في بصائر الدرجات (4) بسنده : .. عن جابر قال : دخلت على الباقر عليه السلام فشكوت إليه الحاجة ، فقال : ما عندنا درهم ، فدخل عليه الكميت ، فقال : جعلت فداك أنشدك ؟ فقال : « أنشدني » ، فأنشده قصيدة فقال : « يا غلام ! أخرج من ذلك البيت بدرة ، فادفعها إلى الكميت ». فقال : جعلت فداك أنشدك أخرى ؟ فأنشده. فقال : « يا غلام ! أخرج بدرة ، فادفعها إليه .. » فقال : جعلت فداك ، والله ما أحبّكم لغرض الدنيا ، وما أردت بذلك إلاّ صلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وما أوجب الله عليّ من الحقّ ، فدعى له الباقر عليه السلام. فقال : « يا غلام ! ردّها مكانها ». 1 ـ في روضة المتقين 14/77. 2 ـ التعليقة المطبوعة على هامش منهج المقال : 77 [ الطبعة المحققة 3/156 برقم ( 325 ) ]. 3 ـ أي الوحيد رحمه الله. 4 ـ بصائر الدرجات : 375 ـ 376 حديث 5 [ وفي طبعة أخرى : 395 ـ 396 ] ، وفيها اختصار واختلاف غير مخلّ. (122)
فقلت : جعلت فداك ، قلت لي : « ليس عندي درهم » ، وأمرت للكميت بثلاثين ألف ؟! فقال : « أدخل ذلك البيت » ، فدخلت فلم أجد شيئاً ، فقال : « ما سترنا عنكم أكثر ممّا أظهرنا » ، ثم ضرب برجليه الأرض فإذا شبيه بعنق البعير ، قد خرج من ذهب ، فقال : « لا تخبر به أحداً إلاّ من تثق من إخوانك ، إنّ الله قد أقدرنا على ما نريد ، ولو نشاء [ أن نسوق ] الأرض بأزمّتها لسقناها ».
ثمّ نقل رواية أخرى عن بصائر الدرجات (1) ، عن جابر ، أنّ الباقر عليه السلام أراه ملكوت السموات والأرض بأن ذهب به بعد إراءة ملكوت السموات والأرض إلى الظلمات ، وشرب معه عليه السلام من [ عين ] الحياة ، ثمّ أخرجه من هذا العالم إلى عالم آخر .. وهكذا إلى اثني عشر عالماً. قائلا : إنّه كلّما مضى منّا إمام سكن أحد هذه العوالم ، حتّى يكون آخرهم القائم عليه السلام في عالمنا الّذي نحن ساكنوه ، ثم عادا إلى مجلسهما الأوّل فسأله صلوات الله عليه : « كم مضى من النهار ؟ » ، فقال : ثلاث ساعات .. إلى غير ذلك من الأخبار. ثمّ قال * : ولا يخفى أنّ الأجلّة مثل الصفّار .. وغيره كانوا يعتمدون عليه وعلى أمثاله. [ وقال ] وروى مسلم (2) في أوّل كتابه ذموماً كثيرة في جابر ، والكلّ يرجع إلى الرفض ، وإلى القول بالرجعة ، وكان مشتهراً بينهم ، وعمل على أخباره جلّ أصحاب الحديث ، ولم نطّلع على شيء يدلٌّ على غلوّه واختلاطه ؛ 1 ـ بصائر الدرجات : 404 ـ 405 [ وفي طبعة : 424 ـ 425 ] حديث 4 باختصار. * ـ يعني : المجلسي الأوّل [ منه ( قدّس سرّه ) ]. كذا ، والظاهر أنّ الكلام للوحيد رحمه الله في تعليقته إذ لم يرد في كلام المجلسي الأوّل في روضته ، فراجع. 2 ـ صحيح مسلم 1/20 ـ 21. (123)
سوى خبر ضعيف رواه الكشي ، والله يعلم. انتهى كلام الفاضل المجلسي الأوّل.
وأقول : أشار بما رواه الكشّي ممّا يدل على غلوّه ، ما مرّ في طيّ الأخبار من خبر عمرو بن شمر الّذي مرّ نقلنا من الكشّي قوله بعد نقله : إنّه حديث موضوع لا شكّ في كذبه ، ورواته كلّهم متّهمون بالغلوّ والتفويض. قلت : ويشهد بذلك أخباره الاُخر الصريحة في عدم قوله بألوهيّة الأئمّة عليهم السلام بوجه ، وعدم غلوّه أصلا. وأمّا ما سمعته من الخلاصة في آخر كلامه من التوقّف ، فليس غمزاً في الرجل نفسه ، بل ردّ للروايات الّتي روتها الضعفاء عنه ، وهذا لا يختصّ بجابر ، بل أعدل الخلق وأوثقهم وأتقاهم أجمعين ـ وهم الأئمة عليهم السلام ، المتّصفون بالعصمة ـ لا يعتمد على الأخبار الّتي روتها عنهم عليهم السلام الضعفاء ، فكيف بغير المعصوم من العدول ؟!. وأمّا قول زياد بن أبي الحلاّل ـ فيما رواه عنه الكشي ، وقد مرّ نقله عنه ـ : اختلف أصحابنا في أحاديث جابر .. إلى آخره. فقد نقل في التعليقة (1) عن بصائر الدرجات (2) نقل هذه الرواية بوجه آخر ، وهو هكذا : أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال ، قال : اختلف الناس في جابر بن يزيد وأحاديثه وأعاجيبه .. وهذا يدلّ على أنّ منشأ الاختلاف نقل الأعاجيب عنهم عليهم السلام ، أو صدورها منه. 1 ـ تعليقة الوحيد رحمه الله المطبوعة على هامش منهج المقال : 77 [ المحققة 3/159 برقم ( 325 ) ]. 2 ـ بصائر الدرجات : 258 حديث 12 ( طبعة منشورات الأعلمي ). (124)
وأقول : إنّ هذه الروايه .. وأمثالها هي سبب رمي الرجل بالغلوّ مع طهارة ساحته عنه بالمرّة.
فتلخّص من ذلك كلّه : أنّ الرجل ثقة جليل يعتمد عليه في خبره ، لتوثيق ابن الغضائري ـ الّذي عادته الغمز في الرجال غالباً من غير جهة ـ إيّاه المعادل لتوثيق جمع ، مضافاً إلى تأيّده بأمور : فمنها : توثيق الوجيزة ، والبلغة ، والإكمال. ومنها : ترحّم الصادق عليه السلام عليه. ومنها : الأخبار المزبورة الكاشفة عن جلالته وعلوّ قدره عند الصادقين عليهما السلام وكونه عيبة أسرارهما عليهما السلام ، وكونه باب الباقر عليه السلام ، وانتهاء علوم الأئمّة عليهم السلام إلى جمع ، هو أحدهم كما مرّ. ومنها : تشنيع علماء العامّة عليه ، الكاشف عن غاية جلالته ، حتّى أنّ الذهبي قال : إ نّه من أكبر علماء الشيعة ، وإ نّه وثّقه شعبة فشذّ ، وتركه الحفّاظ (1). انتهى. وابن حجر (2) قال : إنّه ضعيف رافضيّ (3). انتهى. 1 ـ قاله الذهبي في الكاشف 1/177 برقم 748. وذكره أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي المتوفى سنة 427 في تاريخ جرجان : 647 ، فقال : جابر الجعفي .. روى ابن شاهين أنّ عبد الرحمن بن مهدي قال : سمعت سفيان الثوري يقول : ما رأيت أحداً أورع في الحديث من جابر .. ثم ذكر توثيق جمع وتضعيف آخرين له وسيأتي كلامهم مفصلا. 2 ـ تقريب التهذيب 1/123 برقم 17. 3 ـ آراء وكلمات أعلام الجرح والتعديل من العامة والخاصة
قال في ميزان الاعتدال 1/379 ـ 384 برقم 1425 : جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي
آراء العامة : (125)
الكوفي أحد علماء الشيعة ، له عن أبي الطفيل والشعبي وخلق ، وعنه شعبة وأبو عوانة وعدّة. قال ابن مهدي عن سفيان : كان جابر الجعفي ورعاً في الحديث ، ما رأيت أورع منه في الحديث. وقال شعبة : صدوق. وقال يحيى بن أبي بكير ، عن شعبة : كان جابر إذا قال : أخبرنا ، وحدّثنا ، وسمعت .. فهو من أوثق الناس. وقال وكيع : ما شككتم في شيء فلا تشكّوا أنّ جابراً الجعفي ثقة. وقال ابن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : قال سفيان الثوري لشعبة : لئن تكلّمت في جابر الجعفي لأتكلّمن فيك. زهير بن معاوية : سمعت جابر بن يزيد ، يقول : عندي خمسون ألف حديث ما حدّثت منها بحديث ، ثم حدّث يوماً بحديث ، فقال : هذا من الخمسين الألف. وقال سلام بن أبي مطيع : قال لي جابر الجعفي : عندي خمسون ألف باب من العلم ما حدّثت به أحداً ، فأتيت أيوب فذكرت هذا له ، فقال : أمّا الآن فهو كذّاب. وقال عبد الرحمن بن شريك : كان عند أبي ، عن جابر الجعفي عشرة آلاف مسألة. وروى إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي أنه قال : يا جابر ! لا تموت حتى تكذب على النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، قال إسماعيل : فما مضت الأيام والليالي حتى أُتّهم بالكذب. عبدالله بن أحمد ، عن أبيه قال : ترك يحيى القطان جابراً الجعفي ، وحدّثنا عنه عبد الرحمن قديماً ، ثم تركه بأخرة ، وترك يحيى حديث جابر بأخَرة. أبو يحيى الحماني ، سمعت أبا حنيفة يقول : ما رأيت فيمن رأيت أفضل من عطاء ، ولا أكذب من جابر الجعفي .. ! ما أتيته بشيء إلاّ جاءني فيه بحديث ، وزعم أن عنده كذا .. وكذا .. ألف حديث لم يظهرها. جرير بن عبد الحميد ، عن ثعلبة ، قال : أردت جابراً الجعفي ، فقال لي : ليث بن أبي سليم : لا تأْتِه ، فإنّه كذّاب. وقال النسائي وغيره : متروك. وقال يحيى : لا يكتب حديثه ولا كرامة. قال أبو داود : ليس عندي بالقويّ في حديثه. وقال عبد الرحمن بن مهدي : ألا تعجبون من سفيان بن عيينة ، لقد تركت جابر الجعفي لقوله لما حكي عنه أكثر من ألف حديث ، ثم هو يحدّث عنه. وقال أبو معاوية : سمعت الأعمش يقول : أليس أشعث بن سوّار سألني عن حديث ؟ فقلت : لا ، ولا نصف حديث. ألستَ أنت الّذي تحدّثت عن جابر الجعفي ؟ وقال (126)
جرير بن عبد الحميد : لا أستحلّ أن أحدّث عن جابر الجعفي ، كان يؤمن بالرجعة. وقال يحيى بن يعلى المحاربي : طرح زائدة حديث جابر الجعفي. وقال : هو كذّاب يؤمن بالرجعة. وقال عثمان بن أبي شيبة : حدّثنا أبي عن جدّي ، قال : إن كنت لآتي جابراً الجعفي في وقت ليس فيه خيار ولا قثّاء فيتحول حول حوضه ، ثم يخرج إليّ بخيار أو قثاء فيقول : هذا من بستاني. وقال عباس الدوري ، عن يحيى : لم يدع جابراً ممّن رآه إلاّ زائدة ، وكان جابر كذّاباً ليس بشيء. وقال شهاب بن عباد : سمعت أبا الأحوص ، يقول : كنت إذا مررت بجابر الجعفي سألت ربّي العافية. وذكر شهاب أنّه سمع ابن عيينة يقول : تركت جابراً الجعفي وما سمعت منه ؛ قال : دعا رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، عليّاً فعلّمه ممّا تعلّم ، ثم دعا عليٌّ الحسن فعلّمه ممّا تعلّم ، ثم دعا الحسن الحسين فعلّمه ممّا تعلّم ، ثم دعا ولده .. حتى بلغ جعفر بن محمد ، قال سفيان : فتركته لذلك ! ابن عدي : حدّثنا علي بن الحسن بن فديد ، أنبأنا عبيد الله بن يزيد بن العوام ، سمعت إسحاق بن مطهّر ، سمعت الحميدي ، سمعت سفيان ، سمعت جابراً الجعفي ، يقول : انتقل العلم الّذي كان في النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إلى عليّ [ عليه السلام ] ثم انتقل من علي إلى الحسن [ عليه السلام ] ثم لم يزل حتى بلغ جعفراً [ عليه السلام ]. الشافعي ؛ سمعت سفيان ، سمعت من جابر الجعفي كلاماً بادرت خفت أن يقع علينا السقف. قال سفيان : كان يؤمن بالرجعة ، وقال الجوزجاني : كذّاب ، سألت أحمد عنه فقال : تركه عبد الرحمن فاستراح. وقال بندار : ضرب ابن مهدي على نيف وثمانين شيخاً حدّث عنهم الثوري. إسحاق بن موسى ، سمعت أبا جميلة يقول : قلت لجابر الجعفي : كيف تسلّم على المهدي ؟ قال : إن قلت لك كفرت .. إلى أن قال : ابن مهدي ، سمعت سفيان يقول : ما رأيت في الحديث أورع من جابر الجعفي ومنصور. أبو داود ، سمعت شعبة يقول : إيش جائهم به جابر ؟ جائهم بالشعبي ، لولا السفر لجئناهم بالشعبي. ورأيت زكريا بن أبي زائدة يزاحمنا عند جابر ، فقال لي سفيان : نحن شباب ، (127)
وهذا الشيخ ما له يزاحمنا ؟ ثم قال لنا شعبة : لا تنظروا إلى هؤلاء المجانين الّذين يقعون في جابر .. ! هل جائكم بأحد لم يلقه .. إلى أن قال : قال ابن عدّي : عامة ؟ ما قذفوه به كان يؤمن بالرجعة .. إلى أن قال : وقال ابن حبّان : كان سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ ، كان يقول : إنّ علياً يرجع إلى الدنيا .. إلى أن قال بسنده : .. سمعت زائدة يقول : جابر الجعفي رافضيّ يشتم أصحاب النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم. الحميدي : سمعت رجلا يسأل سفيان : أرأيت يا أبا محمد الذين عابوا على جابر الجعفي ، قوله : حدّثني وصّي الأوصياء ؟ فقال سفيان : هذا أهونه .. إلى أن قال : مات جابر سنة سبع وستين ومائة. أقول : إنّما أطلت في نقل كثير ممّا نقله الذهبي ، ليقف المطالع على اختلاف أقوال أعلام العامّة في جابر ، ويعرف أنّ علّة تضعيفهم له لأمرين : كونه موالياً صريحاً لأئمّة الهدى ، والثاني : أنّه يقول بالرجعة ، وهذان الأمران مع اعتراف أكثرهم بمنزلته الرفيعة ، ومقامه السامي ، وطهارة ذيله أوجبا تضعيفه عندهم ، وهما ينبغي أن يوجبا توثيقه عند أهل الحقّ ، فراجع وتفطّن. وفي الجرح والتعديل 2/497 برقم 2043 قال : جابر بن يزيد الجعفي الكوفي أبو محمد .. إلى أن قال : روى عنه الثوري وشعبة وزهير وإسرائيل وشريك .. إلى أن قال : قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : سمعت سفيان الثوري يقول : كان جابر ورعاً في الحديث ، ما رأيت أورع في الحديث من جابر. وقال في تهذيب التهذيب 2/46 ـ 47 برقم 75 : جابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي أبو عبد الله ، ويقال : أبو يزيد الكوفي .. وذكر الأقوال التي نقلناها عن ميزان الاعتدال. وفي تقريب التهذيب 1/123 برقم 17 قال : جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي ، أبو عبد الله الكوفي ، ضعيف رافضي ، من الخامسة ، مات سنة سبع وعشرين ومائة ، وقيل : سنة اثنتين وثلاثين. وقال في تاريخ البخاري 2/210 برقم 2223 : جابر بن يزيد الجعفي الكوفي ، تركه عبد الرحمن بن مهدي ، قال أبو نعيم : مات سنة ثمان وعشرين ومائة .. إلى آخره. وقال في المغني في الضعفاء 1/126 برقم 1079 : جابر بن يزيد الجعفي ، مشهور (128)
عالم ، قد وثّقه شعبة والثوري وغيرهما .. إلى أن قال : وقال النسائي : متروك ، وكذّبه بعضهم. وقال ابن معين : لا يكتب حديثه ، توفي سنة ثمان وعشرين ومائة. وفي الكاشف 1/177 ـ 178 برقم 748 قال : جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي الطفيل والشعبي ، وعنه شعبة والسفيانان ، من أكبر علماء الشيعة ، وثقه شعبة فشذّ وتركه الحفاظ .. إلى أن قال : مات سنة 128. وقال في المجروحين 1/208 : جابر بن يزيد الجعفي من أهل الكوفة كنيته : أبو يزيد ، وقد قيل : أبو محمد ، يروي عن عطاء والشعبي ، روى عنه الثوري وشعبة ، مات سنة ثمان وعشرين ومائة .. إلى آخره. وقال في تذهيب تهذيب الكمال : 59 : جابر بن يزيد بن الحرث الجعفي الكوفي ، أحد كبار علماء الشيعة ، عن عامر بن واثلة والشعبي ، وعنه شعبة والسفيانان وخلق ، وثّقه الثوري وغيره ، وقال النسائي : متروك .. ، مات سنة ثمان وعشرين ومائة .. وأرّخ في البداية والنهاية 10/29 في حوادث سنة 128 وفاته بتلك السنة. وعنونه ابن قتيبة في معارفه : 480 ، فقال : جابر الجعفي هو جابر بن يزيد ، وكان ضعيفاً في حديثه. وهو من الرافضة الغالية الذين يؤمنون بالرجعة. وكان صاحب شبهة ونيرنجات ، وقد روى عنه الثوري وشعبة ، وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائة. وفي صفحة : 624 في أسماء الغالية من الرافضة ؛ وعدّ منهم : جابر الجعفي. وفي شذرات الذهب 1/175 ، في ذكر من مات سنة 128 ، قال : وجابر بن يزيد الجعفي من كبار المحدّثين بالكوفة ، روى عن أبي الطفيل ومجاهد ، وثقه وكيع وغيره ، وضعّفه آخرون. وقال في تاريخ اليعقوبي 3/100 ـ في ذكر فقهاء عصر السفاح ـ : .. وجابر بن يزيد الجعفي .. وذكر في صفحة : 81 عن حميد بن قحطبة : قال : حدّثني أبي قال : دخلت مسجد الكوفة أيّام بني أميّة ، وعليّ فرو غليظ ، فجلست إلى حلقة ، وشيخ في صدر القوم يحدّثهم ، فذكر أيّام بني أميّة ، وذكر السواد ومن يلبسه ، فقال : يكون ويكون ويخرج رجل يقال له : قحطبة ، كأنّه هذا الأعرابي ـ وأشار إليّ ـ ، ولو أشاء أن أقول هو هو لقلت ـ قال قحطبة ـ : فخفت على نفسي ، فتنحيّت ناحية ، فلمّا انصرف كلّمته ، فقال : لو شئت أن أقول : إنّك أنت هو لقلت .. ! فسألت عنه فقيل لي : هو جابر بن يزيد الجعفي. وفي صحيح مسلم 1/20 : وحدثني سلمة بن شبيب. حدّثنا الحميدي ، حدّثنا (129)
سفيان قال : كان الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر ، فلمّا أظهر ما أظهر اتّهمه الناس في حديثه ، وتركه بعض الناس ، فقيل له : وما أظهر ؟ قال : الإيمان بالرجعة .. ثم ذكر في جابر أقوال آخرين ، فراجع. وفي النجوم الزاهرة 1/308 في حوادث سنة 128 قال : وفيها توفي جابر بن يزيد الجعفي من الطبقة الرابعة ، من تابعي أهل الكوفة ، وقد تكلّم فيه ، وضعفّه بعضهم. وفي العبر 1/167 في حوادث سنة 128 قال : وفيها [ توفّي ] جابر بن يزيد الجعفي من كبّار المحدثين بالكوفة ، روى عن أبي الطفيل ، ومجاهد ، وثّقه وكيع وغيره ، وضعّفه آخرون. وفي أنساب السمعاني 3/293 ـ باب الجيم في مادّة ( جعفيّ ) قال : من القدماء أبو يزيد جابر بن يزيد الجعفي ، من أهل الكوفة ، وقيل : كنيته : أبو محمد ، يروي عن عطاء والشعبي ، روى عنه الثوري وشعبة ، مات سنة 128 وكان سبئياً من أصحاب عبد الله بن سبأ ، وكان يقول : إنّ عليّاً رضي الله عنه [ صلوات الله عليه ] يرجع إلى الدنيا ، قال يحيى بن معين : جابر الجعفي لا يكتب حديثه ولا كرامة ، وقال زائدة : جابر الجعفي كان كذّاباً يؤمن بالرجعة. وقال في ميزان الاعتدال 2/270 برقم 3697 : شريك بن عبد الله النخعي أبو عبد الله الكوفي .. إلى أن قال : وقال عبد الرحمن بن شريك كان عند أبي عشرة آلاف مسألة عن جابر الجعفي ، وعشرة آلاف غرائب. وفي الوافي بالوفيات 11/31 ـ 32 برقم 58 ، قال : جابر بن يزيد الجعفي أخذوا عنه العلم على ضعفه ورفضه ، روى عن أبي الطفيل ، والشعبي ، ومجاهد ، وأبي الضحى ، وعكرمة وطائفة. وقال شعبة : هو صدوق ، وقال ابن معين : لا تكتبوا حديث جابر الجعفي ولا كرامة ، وقال زائدة : كان جابر الجعفي والله كذّاباً يؤمن بالرجعة !! وقال أبو حنيفة : ما رأيت أكذب من جابر ، ما أتيته بشيء من رأي إلاّ أتاني فيه بأثر ، وزعم أنّ عنده ثلاثين ألف حديث. وعامّة ما قذفوه أنّه آمن برجعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه [ عليه أفضل الصلاة والسلام ] إلى الدنيا. توفي سنة ثمان وعشرين ومائة ، وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه. وذكره في تهذيب الكمال 4/465 حديث 879 وذكر توثيق بعض وتضعيف آخرين وعدّ من روى عنهم ورووا عنه. (130)
وفي دول الإسلام 1/89 في حوادث سنة 28 قال : وفيها توفي .. إلى أن قال : وجابر بن يزيد الجعفي عالم الشيعة بالكوفة. آراء علمائنا الإماميّة
سبق وإن ذكرنا توثيق جمع للمترجم ـ كابن الغضائري والمجلسي في الوجيزة وغيرهما ـ ، إلاّ أنّه قد وثقّه جمع آخرين ، منهم ما ذكره في ملخّص المقال في قسم الصحاح : 42 من قوله : جابر بن يزيد الجعفي الكوفي .. ثم ذكر كلام النجاشي والعلاّمة والكشي .. إلى أن قال : والأرجح توثيقه ، وروى أنّه روى سبعين ألف حديث عن الباقر عليه السلام ، وروى مائة وأربعين ألف حديث ، والظاهر أنّه ما روى أحد بطريق المشافهة عن الأئمة عليهم السلام أكثر ممّا روى جابر ، فيكون عظيم المنزلة عندهم عليهم السلام ، لقولهم عليهم السلام : « اعرفوا منازل الرجال منّا على قدر رواياتهم عنّا » ويأتي في يونس بن عبد الرحمن أنّ علم الأئمة عليهم السلام انتهى إلى أربعة ، أحدهم جابر.
وفي إتقان المقال في قسم الثقات قال : 32 : جابر بن يزيد الجعفي ثقة في نفسه ، وسيأتي في الضعفاء ، وفي صفحة : 266 في قسم الضعفاء : جابر بن يزيد الجعفي .. ثم ذكر عبارة النجاشي .. إلى أن قال : قلت : ليس في إنشاد المفيد دلالة على رميه إيّاه بالاختلاط ، إذ لم يسند تلك الأشعار إليه أو إلى جابر .. ثم ذكر كلام الخلاصة والكشي والفهرست ، ثم قال : وقد مرّ في قسم الثقات. وقال في رجال وسائل الشيعة 20/151 برقم 213 : جابر بن يزيد الجعفي وثقّه ابن الغضائري وغيره ، وروى الكشي وغيره أحاديث كثيرة تدلّ على مدحه وتوثيقه ، ورو فيه ذم يأتي ما يصلح جواباً عنه في زرارة ، وضّعفه بعض علمائنا ، والأرجح توثيقه ، وقال الشيخ : له أصل ، وروي أنّه روى سبعين ألف حديث عن الباقر عليه السلام ، وروى مائة وأربعين ألف حديث ، والظاهر أنّه ما روى أحد بطريق المشافهة عن الأئمة عليهم السلام أكثر ممّا روى جابر ، فيكون عظيم المنزلة عندهم لقولهم عليهم السلام : « أعرفوا منازل الرجال منّا على قدر رواياتهم عنّا ». وقال في هداية المحدثين : 28 : باب جابر ؛ المشترك بين جماعة لاحظّ لهم بالتوثيق ما عدا جابر بن يزيد الجعفي .. (131)
وفي مجمع الرجال 2/12 قال القهپائي ـ معلّقاً على قول النجاشي : تدلّ على الاختلاط ـ : قيل فيه إشعار بأنّه يقبل ما يرويه عنه الثقات ، ولعلّه الصواب. وفي رجال الشيخ الحر العاملي المخطوط : 13 من نسختنا : جابر بن يزيد الجعفي ؛ اختلفت الروايات في مدحه وذمّه ، والمدح أرجح ، واختلفت الأصحاب أيضاً ، وأكثرهم رجّحوا التضعيف ! والذي يظهر من الأحاديث ترجيح المدح ، ووجه الذم التقية لما يأتي في زرارة. وقال المجلسي الأوّل في مشيخة الفقيه من روضة المتقين 14/76 ـ : وما كان فيه عن جابر بن يزيد الجعفي أبو عبد الله الجعفي ـ وقيل : أبو محمد ـ لقى الباقر والصادق عليهما السلام ، ومات في أيّامه عليه السلام .. ثم نقل كلمات جماعة ، ثم قال في صفحة : 77 : والذي يخطر ببالي من تتّبع أخباره أنّه كان من أصحاب أسرارهما عليهما السلام ، وكان يذكر بعض المعجزات التي لا يدركها عقول الضعفاء حصل به الغلوّ في بعضهم ، ونسبوا إليه افتراءً سيّما الغلاة والعامّة ، روى مسلم في أوّل كتابه ذموماً كثيرة في جابر ، والكل يرجع إلى الرفض ، وإلى القول بالرجعة ، وكان مشتهراً بينهم ، وعمل على أخباره جلّ أصحاب الحديث ، ولم نطلّع على شيء يدلّ على غلوّه أو اختلاطه سوى خبر ضعيف رواه الكشي ، والله تعالى يعلم. وقال الشريف اللاهيجي في خير الرجال المخطوط : 81 من نسختنا : ولله درّ من قال : إنّ الظاهر أنّ جابر ثقة ممّن يعتمد عليه بحيث لا غبار عليه. وفي روح الجوامع المخطوط : 262 عنونه ونقل توثيق ابن الغضائري وكلام النجاشي وبعض روايات الكشي .. وغيرها ، ثم قال : وكيف كان ؛ فأحاديث المدح أظهر ، فهو ثقة جليل. وفي منهج المقال : 80 [ 3/154 ـ 171 برقم ( 965 ) ] ـ بعد أن ذكر كلمات الأعلام كالنجاشي والشيخ والعلاّمة وروايات الكشي ، قال : واعلم أنّ ما تقدّم من قول الخلاصة : والأقوى عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء .. مشعر بأنّه يقبل ما يرويه عنه الثقات ولعله الصواب ، فإنّ تلك الأشعار إن كان ممّا قيل فيه فلعلّ ذلك لسخافة ما نقل عن هؤلاء الضعفاء ، وإن نقلت عنه أو مضمونها ، فلعل ذلك أيضاً من فعل هؤلاء على أن قائل الأشعار غير معلوم الآن لنا ، وكأنّ مستند نسبة الاختلاط إليه ليس إلاّ هذا ، والله أعلم. وقال في منتهى المقال : 73 [ الطبعة المحقّقة 2/219 برقم ( 516 ) ] : قلت : كلام (132)
( جش ) ليس صريحاً في ضعفه وعلى فرضه ، فالترجيح للتوثيق لترحّم الإمام عليه ، بل تزكيته وعدم مقاومتها لقدح النجاشي طريف ، والسند كما ترى صحيح ، مضافاً إلى الحديث الآخر الصريح في جلالته أيضاً والسند أيضاً معتبر ، ويأتي في يونس بن عبد الرحمن إنّ علم الأئمة انتهى إلى أربعة أحدهم جابر. وذكر جابراً الوحيد رحمه الله في تعليقته المطبوعة على هامش منهج المقال : 77 [ 3/155 ـ 159 برقم ( 325 ) ] ثم ذكر الأقوال فيه ، وقطع بأنّ منشأ تضعيفه هو روايته بعض الأخبار الحاكية عن معجزات الأئمة عليهم السلام ممّا لا تتحملّه عقول الضعفاء ، وحكم بجلالته ووثاقته. وجاء في كامل الزيارات : 58 باب 16 حديث 6 [ تحقيق نشر الفقاهة : 125 حديث 140 ] بسنده : .. عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام .. هذا بناءً على وثاقة كل من وقع في سند كامل الزيارات وإن لم نقل به. وفي مستدرك الوسائل 3/580 الطبعة الحجرية [ والطبعة المحقّقة 22 ( 4 ) من الخاتمة 193 ـ 219 برقم ( 57 ) ] قال : جابر بن يزيد الجعفي ؛ محمد بن علي ما جيلويه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عنه .. السند إلى عمرو صحيح على ما مرّ ، وأمّا عمرو فضعّفه النجاشي. وقال زيد : في كتاب جابر الجعفي أحاديث ينسب بعضها إليه ، والأمر ملتبس ، وظاهره أنّ سبب الضعف نسبة الكذب والوضع إليه من مجهول لا يعرف حاله ، ويكذّبه رواية الأجلّة عنه ، واعتمادهم على تفسير جابر عليه ، فروى عنه الثقة أبو الحسن أحمد بن النضر كثيراً ، ومحمد بن خالد الطيالسي ، وسيف بن عميرة ، والجليل يونس بن عبد الرحمن ـ كما في الكافي في باب العفو ، وباب برّ الوالدين ، وباب أنّ الميت يمثّل له ماله وولده ، والحسن بن محبوب فيه في باب الرفق ، وباب نصيحة المؤمن ، وباب ما أخذه الله على المؤمن ، وعثمان بن عيسى ، وحمّاد بن عيسى .. إلى أن قال : وعبد الله بن المغيرة في الكافي في باب فضل الخبز .. وهؤلاء الخمسة من أصحاب الاجماع ، ومحمد بن خالد البرقي ، والحسين بن المختار ، وعلي بن سيف بن عميرة ، وإسماعيل بن مهران السكوني ، والنضر بن سويد ، ونصربن مزاحم ، والحسين بن علوان ، وإبراهيم بن عمر اليماني ، وخلاّد السدّي ـ الذي يروي عنه ابن أبي عمير ـ ومحمد بن سنان. (133)
وكيف يحتمل في حقّه الضعف بالكذب والوضع مع اعتماد هؤلاء عليه ؟! وفيهم مثل يونس وحمّاد الذي بلغ من تقواه وتثبّته واحتياطه أنّه كان يقول : سمعت من أبي عبد الله عليه السلام سبعين حديثاً فلم أزل أدخل الشك على نفسي حتى اقتصرت على هذه العشرين ، وهل يروي مثله عن غير الثقة المأمون ؟! يؤيد ذلك اعتماد علي بن إبراهيم عليه في تفسيره كثيراً .. ثم ذكر عن شرح المشيخة. ثم قال : قلت : ويظهر من الشيخ المفيد رحمه الله أيضاً الاعتماد عليه ، فإنّه في كتاب الكافئة المبنيّ على المسائل العلميّة ، وتنقيد الأخبار وردّها وقبولها تلقّي أخباره بالقبول ، فقال في موضع سؤال فإن قالوا : أفليس قد روى عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام .. ؟! إلى أن قال : فاستدلّ بروايته على إنكاره عليه السلام الخبر المذكور ، وكذا صنع به في رسالته في الردّ على أصحاب العدد كما يأتي وغير ذلك ، فالحقّ دخوله في الثقات ، خصوصاً لو بنينا على كون رواية واحد من أصحاب الاجماع ـ فضلا عن خمسة منهم ـ من أمارات الوثاقة ـ كما صرّح به العلاّمة الطباطبائي ، ويظهر من العلاّمة في المختلف ـ. وأما جابر ؛ فما أشبهه ب : محمد بن سنان في هذا المقام ، والحقّ أنّه من أجلاّء الرواة ، وأعاظم الثقات ، بل من حملة أسرارهم ، وحفظة كنوز أخبارهم .. ثم ذكر روايات التي نقلها المؤلّف قدّس سرّه عن رجال الكشي ، ونقلناها عن الاختصاص ، والغيبة للشيخ الطوسي والكافي .. إلى أن قال في صفحة : 583 [ : 208 ] : ورواية جملة من الأجلاّء [ عنه ] ـ منهم : صفوان بن يحيى ، كما في الخرائج ـ في فصل أعلام الصادق عليه السلام ، وعنبسة بن بجاد العابدي ، وهشام بن سالم ، والنضر بن سويد ، وسيف بن عميرة ، وعمّار بن مروان ، وإبراهيم بن سليمان ، وإبراهيم بن عمر اليماني ، وعمر بن أبان ، والمفضل بن عمر ، والحسن بن السرّي ، وعمرو بن شمر ، وعمرو بن عثمان ، وعمر ابن يزيد ، وعبد الله بن غالب ، ويعقوب السراج ـ الذي قال المفيد فيه : أنّه كان من شيوخ أصحاب الصادق عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته ـ ، وميسر ، والسكوني ، ومثنى الحنّاط ، وصباح المزني ـ .. ثم ذكر كلمات العامة وتضعيفهم له .. ثم ذكر أنّ ابن شهر آشوب والكفعمي عدّوا المترجم باباً للإمام الباقر عليه السلام .. ثم روى عن جعفر بن محمد بن مالك بسنده : .. عن ميمون بن إبراهيم ، عن جابر أنّه قال : علّمني ابن فاطمة عليهما السلام كلمات ، ما أشاء أن أعلم بهنّ شيئاً إلاّ علمته. ـ يعني (134)
الباقر عليه السلام ـ .. ثم روى روايات تدلّ على فضله وعلوّ مقامه ، .. ثم ذكر عبارة المفيد في رسالته في الردّ على أصحاب العدد ، ثم ما ذكره المجلسي الأول والعلاّمة في الخلاصة ، ثم قال في صفحة : 584 [ : 218 ] : قلت : قد كانت جملة من المسائل المتعلّقة بالمعارف عند جماعة من أعاظم هذا العصر من المناكير التي يضلّلون معتقدها ، وينسبونه إلى الاختلاط ؛ كوجود عالم الذرّ والأظّلة عند الشيخ المفيد ، وطيّ الأرض عند علم الهدى ، ووجود الجنة والنار الآن عند أخيه الرضي .. وأمثال ذلك ممّا يتعلق بمقاماتهم عليهم السلام وغيره ، مع تواتر الأخبار بها ، وصيرورتها كالضروريات في هذه الأعصار ، وظاهر أنّ من يرى الذي من يروي خلاف ما اعتقده ينسبه إلى الاختلاط ، بل الزندقة ! ومن سبر روايات جابر في هذه الموارد وغيرها يعرف أنّ نسبة الاختلاط إليه اعتراف له ببلوغه المقامات العالية ، والذروة السامية من المعارف. ثم نقول : الظاهر أن الشيخ المفيد أنشد هذه الأشعار من باب الحكاية والنقل من دون اعتقاد بصدق مضمونها فيه ، لما تقدم من نصّه على جلالته ، وعدم تطرّق الطعن إليه بوجه في الرسالة العددية ، واعتماده على رواياته في إرشاده ، وفي كتاب الكافئة في موارد متعدّدة أشرنا إلى بعضها في ترجمة : عمرو بن شمر. ثم إنّ تمسّك النجاشي لاختلاطه بالأشعار ـ كما هو الظاهر من كونها مستنده فيه مع ما رأى من إكثار أئمة الحديث مثل الكليني وشيخه علي والصدوق ، والصفّار ، وابن قولويه ، والشيخ المفيد شيخه في الإرشاد ، والأمالي ، والكافئة ، والاختصاص ... وغيرهم من النقل عنه ـ عجيب ! ، وأعجب منه قوله : وقلّما يورد عنه شيء في الحلال والحرام .. ! فإنّ في كثير من أبواب الأحكام منه خبر ، وروى الصدوق في باب السبعين من الخصال عنه خبراً طويلا فيه سبعون حكماً من أحكام النساء يصير بمنزلة سبعين حديثاً ، وكتاب جعفر بن محمد بن شريح ، أكثر أخباره عنه ، وأغلبها في الأحكام .. فلو جمع أحد أسانيد جابر في الأحكام لصار كتاباً. فكيف يستقل هذا النقّاد مرويّاته في الحلال والحرام ، ومع الغضّ نقول : ليس هذا وهناً فيه ، فإنّ القائمين بجمع الأحكام في عصره كان أكثر من أن يحصى ، فلعلّه رأى أن جمع غيرها ممّا يتعلق بالدين كالمعارف ، والفضائل ، والمعاجز ، والأخلاق ، والساعة الصغرى والكبرى أهمّ ، ونشرها ألزم ، فكلّها من معالم الدين ، وشعب شريعة خاتم النبيين ، كما أن قلّة ما ورد من زرارة وأضرابه في (135)
وقال السمعاني في محكي أنسابه (1) في جملة كلام له في ترجمة الرجل : .. وكان سبئياً ، من أصحاب عبد الله بن سبأ ، كان يقول : إنّ عليّاً عليه السلام يرجع إلى الدنيا.
قال يحيى بن معين : جابر الجعفي لا يكتب حديثه ولا كرامة. وقال زائدة : جابر بن يزيد الجعفي كان كذّاباً ، يؤمن بالرجعة. وقال ابن الجوزي في المنتظم (2) : كان جابر بن يزيد الجعفي رافضياً غالياً. وعن صحيح مسلم (3) ، عن محمّد بن عمرو ، والرازي قال : سمعت جريراً يقول : لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه ؛ لأنّه يؤمن بالرجعة. وعن جامع الترمذي (4) ، عن أبي حنيفة أنّه قال : ما رأيت أكذب من جابر هذه المقامات لا تورث وهناً فيهم ، ولكلّ وجهة هو مولّيها .. وفي روضات الجنات 2/146 ـ 147 برقم 158 في ترجمة : بهلول بن عمرو المجنون قال : .. ويؤيد أيضاً صدق هذه النسبة إليه ما نقل في أخبارنا المعتبرة من صدور الأمر بالتجانن عن مولانا أبي جعفر الباقر عليه السلام بالنسبة إلى جابر الجعفي ، وهو أيضاً من حملة أسرارهم الأخيار المقرّبين حين خروجه إلى الكوفة من خدمة الإمام عليه السلام ، وكان والي الكوفة قد أمر بإرسال رأسه إلى الخليفة ، لكثرة ما كان ينشره فيهم من مناقب المعصومين عليهم السلام ، فصار ذلك منشأ لخلاصه ، وعذرهم إيّاه بعد شهادة أهل البلد بجنونه ، إلاّ أنّ جنون جابر كان من قبيل الأدواري ، ومختصاً بتلك الواقعة ، بخلاف جنون البهلول المطبق أوقاته طول حياته لشدّة التقية في زمانه .. وذكر في مجالس المؤمنين 1/305 ما ذكره الكشي والنجاشي والذهبي في ميزان الاعتدال. 1 ـ أنساب السمعاني 3/293 في باب الجيم في مادة جعفي. 2 ـ المنتظم 7/267 برقم 691. 3 ـ صحيح مسلم 1/20. 4 ـ تهذيب الكمال 29/445 قال : روى له [ أي لأبي حنيفة ] الترمذي في كتاب العلل من جامعه قوله : ما رأيت أحداً .. |
|||
|