غيبة الإمام المهدي ::: 286 ـ 300
(286)
    ورواه ميمون البان ، عن الإمام الصادق عليه السّلام أيضاً (1).
    وقد روى آخرون بعض هذه العلامات وغيرها ، عن الإمام الصادق عليه السّلام ، كما في رواية الحسن بن زياد الصيقل (2) ، ورواية فضيل بن محمد بن راشد البجلي (3) ، وأبراهيم (4) ، والطيار (5) ، وابي بصير (6) ، ومحمد ابن مسلم (7) ، وأبي حمزة الثمالى (8) ، وبكر بن محمد الأزدي (9) ، وصالح بن ميثم التمّار (10) ، وغيرهم (11).

    المراد بقتل النفس الزكيّة كعلامة من علامات الظهور :
    إنّ قتل النفس الزكيّة ـ كعلامة من علامات ظهور الإمام المهدي عليه السّلام ـ لا إشكال في صحته أصلاً ؛ إذ ورد في روايات كثيرة على لسان رسول الله صلّى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السّلام ، لاسيمّا الإمام الصادق عليه السّلام ، بحيث يُستغنى بكثرتها عن فحص أساتيدها ، فضلاً عمّا فيها من الصحيح
1 ـ إكمال الدين 2 : 649 / 1 باب 57 ، والخصال : 303 / 84 باب 5.
2 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 177 ـ 134.
3 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 263 / 23 باب 14.
4 ـ تأويل الآيات / الأسترآبادي 2 : 541 / 17.
5 ـ روضة الكافي 8 : 146 / 181.
6 ـ روضة الكافي 8 : 312 / 575 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 452 / 458
7 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي 449 / 452.
8 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 435 / 425.
9 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 446 / 443.
10 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 445 / 440.
11 ـ راجع : كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 450 / 453 ، و : 454 / 461.


(287)
وهو كثير. ولكن المهمّ هنا هو أن المراد بالنفس الزكيّة في هذه الرواية وغيرها ، ليس محمد بن عبد الله بن الحسن ، وإن تلقّب بهذا واشتهر به.
    ولو قيل لمحمد نفسه : هل أنت النفس الزكيّة المشار له في الروايات ؟ لما أجاب بغير ( لا ) قطعاً ، وإلاّ لتنازل عن دعوى المهدوية لنفسه وحكم ببطلانها ؛ لوضوح أن النفس الزكيّة غير الإمام المهدي عليه السّلام.
    ومن ثم فإن النفس الزكيّة في لسان جميع الروايات يُقتل في المسجد الحرام بين الركن والمقام وفي بعضها تحديد لزمان استشهاده في الخامس والعشرين من ذي الحجة الحرام ، قبل ظهور الإمام المهدي عليه السّلام بخمس عشرة ليلة (1) ، وفي بعض الروايات أن اسمه محمد بن الحسن (2) ، وأين هذا من محمد بن عبد الله الحسني المقتول في المدينة المنورة في الرابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة / 145 هـ بلا خلاف ؟ فكيف يشتبه به أنه النفس الزكيّة واقعاً إذن ؟! على أنه لا مانع من توصيفه بهذا مع الالتفات إلى ما قدمناه.
    وبهذا يتبين اشتباه أبي الفرج الأصبهاني بقوله في محمد بن عبد الله الحسني : « وكان أهل بيته يسمونه المهدي ، ويقدرون انه الذي جاءت فيه الرواية ، وكان علماء آل ابي طالب يرون فيه أنه النفس الزكيّة ، وأنّه المقتول بأحجار الزيت » (3).
    ومورد اشتباهه في قوله : « وكان علماء آل أبي طالب يرون فيه منه
1 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 445 / 440.
2 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 464 / 480.
3 ـ مقاتل الطالبين : 207.


(288)
النفس الزكيّة » ! يشير بهذا إلى الإمام الصادق عليه السّلام الذي لم يرَ فيه ما قال ، وإنما ورد توصيفه بذلك في روايات الشيعة جرياً على المتعارف المشهور ، كما هو الحال في وصفه بالمهدي الحسني الذي لايعبر عن إعتقاد بمهدويته.

    بيان التطور العلمي في زمان الظهور :
    ولعل أروع الأدلّة التي ساقها الإمام الصادق عليه السّلام في باب تأكيده على كذب جميع دعاوى المهدوية السابقة ، إشاراته عليه السّلام إلى التطوّر العلمي الهائل ، والتقنيات العلمية التي ستكون في زمان ظهور الإمام المهدي عليه السّلام ، والتي كانت مفقودة في عصره وجلّ العصور اللاحقة تماماً ، لدرجة كانت الإشارة لها في ذلك الحين مدعاة للتعجب ، ولولا الاعتقاد الراسخ بصدق قائلها ، لأعرض عنها المحدثون ولم يذكروا شيئاً منها ؛ لعدم استيعاب عقلية ذلك العصر لها وتصورها ، ومن هذه الإشارات :
    1 ـ عن عبد الله بن مسكان ، عن الإمام الصادق عليه السّلام قال : « إن المؤمن في زمان القائم ، وهو بالمشرق ، ليرى أخاه الذي في المغرب ، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق » (1).
    2 ـ وعن أبي بصير ، عن الإمام الصادق عليه السّلام قال : « إنه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الأمر ، رفع الله تبارك وتعالى له كل منخفض من الأرض ، وخفض له كل مرتفع منها ، حتى تكون الدنيا عنده بمنزلة راحته ، فأيكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها ؟ » (2).
1 ـ بحار الأنوار / العلامة المجلسي 52 : 391 / 213 باب 27 ، نقله من كتاب الغيبة للسيد على بن عبد الحميد.
2 ـ إكمال الدين 2 : 674 / 29 باب 58.


(289)
    3 ـ وعن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : « إن قائمنا إذا قام مدّ الله عزّوجلّ لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم ، [ لا ] يكون بيتهم وبين القائم بريد ، يكلمهم فيسمعون ، وينظرون اليه وهو في مكانه » (1).

    بيان سيادة الإسلام في زمان الظهور على كلِّ الأديان :
    وهذا الدليل الذي أشار له القرآن الكريم ـ كما سيأتي ـ وصرح به الإمام الصادق عليه السّلام ، هو الآخر من الأدلّة العظيمة على زيف دعاوى المهدوية الباطلة في التاريخ كادّعاء المنصور مهدوية ابنه ( المهدي العباسي ) ، وغيره ممن ادعوا لأنفسهم ، أو ادّعي لهم ذلك زوراً وبطلاناً.
    وعدم تحقق هذا الدليل في سائر العصور الإسلامية أوضح من أن يحتاج إلى إثبات ، في حين وَعَدَ الله تبارك وتعالى بتحقّقه ، وجاءت الروايات على أنه لايكون ذلك إلاّ عند ظهور مهدي آل محمد صلّى الله عليه وآله.
    1 ـ عن أبي بصير ، قال : « قال أبو عبد الله عليه السّلام في قول الله عزّوجلّ : ( هُوَ الّذي أرسلَ رسولهُ بالهدَى وَدِينِ الحقِّ ليظهرَهُ على الدِّينِ كلِّهِ وَلَوْ كرهَ المشركونَ ) (2) ؛ والله ما نزل تأويلها بعد ، ولاينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السّلام ، فإذا خرج القائم لم يبقَ كافر بالله العظيم ، ولا مشرك بالإمام إلاّ كره خروجه ، حتى أن لو كان كافرٌ أو مشركٌ في بطن صخرة ، لقالت : يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله » (3).
1 ـ روضة الكافي 8 : 240 ـ 241 / 329.
2 ـ سورة الصف : 61 / 9.
3 ـ إكمال الدين 2 : 670 / 16 باب 58 ، وأخرجه في تأويل الآيات 2 : 688 / بطريق آخر عن أبي بصير ، عنه عليه السّلام.


(290)
    وروى محمد بن الفضيل ، عن الإمام الكاظم عليه السّلام نحوه (1).
    2 ـ وعن رفاعة بن موسى قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول في قوله تعالى : ( وله أسلمَ من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً ) (2) : « إذا قام القائم عليه السّلام لا تبقى أرض إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله الا الله ، وأن محمداً رسول الله صلّى الله عليه وآله » (3).
    وروى ابن بكير ، عن الإمام الكاظم عليه السّلام نحوه (4).
    3 ـ وعن على بن عقبة ، عن أبيه ، عن الإمام الصادق عليه السّلام ، قال : « إذا قام القائم عليه السّلام حكم بالعدل ، وارتفع في أيامه الجور ، وآمنت به السبل ، وأخرجت الأرض بركتها ، وردّ كل حقًّ إلى اهله ، ولم يبقَ أهل دين حتى يظهروا الإسلام ، ويعترفوا بالإيمان .. » (5).
    4 ـ وعن زرارة ، عن الإمام الصادق عليه السّلام ، قال : « سُئل أبي عن قول الله تعالى : ( وقاتلوا المشركيِنَ كافّةَ كما يقاتلونكم كافّةً ... ) (6) ، فقال : أنه لم يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغن دين محمد صلّى الله عليه وآله ما بلغ الليل حتى
1 ـ أصول الكافي 1 : 432 / 91 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ، من كتاب الحجة.
2 ـ سورة آل عمران : 3 / 83.
3 ـ تفسير العياشي 1 : 183 / 81.
4 ـ تفسير العياشي 1 : 183 / 82.
5 ـ الإرشاد : 384 ـ 385 ، وكشف الغمة 3 : 255.
6 ـ سورة التوبة : 9 / 36.


(291)
لا يكون شرك على وجه الأرض كما قال الله تعالى : ( يعبدوننِي لاَ يشركونَ بِي شيئاً ) (1) » (2).
    5 ـ وعن محمد بن حمران ، عن الإمام الصادق عليه السّلام. وكذلك : محمد ابن مسلم ، عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام ، قالا : « إن القائم منّا ، منصور بالرعب ، مؤيد بالنصر ، تطوى له الأرض ، وتظهر له الكنوز كلها ، ويظهر الله به دينه على الدين كله ولوكره المشركون ، ـ ثم ذكرا عليهما السّلام جملة من علامات الظهور وقالا : ـ فعند ذلك خروج قائمنا » (3).
    6 ـ وسأل المفضل بن عمر الإمام الصادق عليه السّلام عن قول الله تعالى : ( ليظهرهُ على الدّينِ كلِّهِ ) (4) قائلاً : ما كان رسول الله صلّى الله عليه وآله ظهر على الدين ؟
    فقال عليه السّلام : « يا مفضل ! لو كان صلّى الله عليه وآله ظهر على الدين كله ما كان مجوسية ، ولا نصرانية ، ولا يهودية ، ولا صابئة ، ولا فرقة ، ولا خلاف ، ولاشك ، ولاشرك ، ولا عبدة أصنام ، ولا أوثان ، ولا اللّات ، ولا العزّى ، ولا عبدة الشمس ، ولاعبدة القمر ، ولا النجوم ، ولا النار ، ولا الحجارة. وإنّما قوله : ( ليظهره على الدّين كلّه ) في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة ، وهو قوله : ( وقاتلوهم حتى لا تكونَ فتنةٌ و يكونَ الدينُ ُكُلّهُ
1 ـ سورة النور : 24 / 55
2 ـ مجمع البيان / الطبرسي 2 : 543 ، وتفسير العياشي 2 : 56 / 48.
3 ـ اثبات الهداة / الحر العاملي 3 : 570 / 686 باب 32 فصل 44 ، نقله من كتاب اثبات الرجعة للفضل بن شاذان.
4 ـ سورة التوبة : 9 / 33.


(292)
لله ) (1) » (2).
    ومن الواضح أن الدين الإسلامي في زمان تلك الدعاوى العريضة في التاريخ لم يتمكن من الظهور على عاصمة الدولة الإسلامية ؛ لفساد ( الخلفاء ) أنفسهم ، وفسقهم ، وشربهم الخمور علناً.
1 ـ سورة الانفال : 8 / 39.
2 ـ الهداية الكبرى / الخصيبي : 74 ـ 82 ، ومختصر بصائر الدرجات لسعد بن عبد الله القمي / اختصره الشيخ حسن بن سليمان الحلي : 178 ـ 179.


(293)
    ذكرنا في بداية دور الإمام الصادق عليه السّلام في رد الشبهات ، أنه كان يتعمد أحياناً إلى إثارة ما سيقوله الناس بعد ولادة الإمام المهدي عليه السّلام وغيبته من شبهات ، ثم يتعرّض بذات الوقت إلى إجابتها ، وغالباً ما تكون إجابته عليه السّلام ببيان نظير الحالة المشتبه بها من القرآن الكريم.
    صحيح أن الإمام الصادق عليه السّلام لم يكن بحاجة إلى إثارة مثل هذه الأمور ، خصوصاً وأنها لم تحصل في زمانه ، والذي دفعه إلى ذلك ، حرصه على مستقبل هذه العقيدة ، وعلى خط الإيمان الثابت بها ، وزرع الثقة العالية في النفوس من خلال الوقوف على إجابة تلك الأقوال قبل نشأتها.
    وما هنا كان دوره عليه السّلام في رد تلك الشبهات سابقاً لزمانه بعشرات السنين ، وفي هذا السياق سنقتبس عنوان الشبهة وجوابها معاً من كلام الإمام الصادق عليه السّلام سواء كان في حديث او مقطع من حديث ، مع التذكير بثلاثه أمور :
    أحدها : إن الإمام الصادق عليه السّلام لم يكن بصدد مناقشة تلك الشبهات ، إذ لا يعرف لها قائل بزمانه ، وإنّما كان عليه السّلام بصدد ما سيقال مستقبلاً ،


(294)
وتزييفه قبل حصوله على أرض الواقع ؛ لكي تعى الأمة ـ من جهة ـ صدق كل ما أخبر به أهل البيت عليهم السّلام بشأن ولدهم المهدي عليه السّلام ، مع تنبيه القواعد الشيعية اللاحقة على سخافة تلك الشبهات تجاه عقيدتهم في المهدي عليه السّلام من جهة أخرى.
    والآخر : اشتراك اهل البيت عليهم السّلام جميعاً في التنبيه على ما سيكون بعد ولادة الإمام المهدي عليه السّلام من أحداث وأقوال وشبهات ، وأن هنا لا تكاد تجد ـ في الوقت الراهن ـ مناقشة أية شبهة بهذا الخصوص لم تعتمد على ما ورد في ردّها من قبل أهل البيت عليهم السّلام ، إلاّ نادراً.
    والثالث : إن قوّة ما وصل إلينا من أدلّة وبراهين على صدق عقيدتنا بالإمام المهدي عليه السّلام ، أضحت كقوّة مشاهدته عليه السّلام عياناً ، وعاد إنكارها كإنكار الواقع المادي المحسوس !
    ولايخفى بأن ، من جملة الواصل إلينا في ذلك هو أحاديث الإمام الصادق عليه السّلام التي أخبرت عمّا سيقوله السفهاء في المهدي عليه السّلام مستقيلاً ، وقدتحقّق إخباره على طبق ما أخبر به عليه السّلام ، ترى فكيف يصدّق العاقل بقول السفيه ، ويعرض عن قول الصادق المؤتمن ؟! الأمر الذي يبرّر لنا اختصار الكلام في تلك الشبهات ما أمكن كالآتي :

    أولاًً ـ شبهة طول العمر :
    وجوابها في قول الإمام الصادق عليه السّلام :
    1 ـ إن في الإمام المهدي عليه السّلام : « سنة من نوح وهو طول عمره » (1).
1 ـ الخرائج والجرائح 2 : 936 باب 17.

(295)
    2 ـ وقوله عليه السّلام : « والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر ، فيملأ ، الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئمت ظلماً وجوراً » (1).
    3 ـ وقوله عليه السّلام : « .. يمدّ الله لصاحب هذا الأمر كما مدّ لنوح عليه السّلام في العمر » (2).
    4 ـ وقوله عليه السّلام : « .. نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم .. وتأولت فيه مولد قائمنا وغيبته ، وابطاءه ، وطول عمره ، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته » (3).
    5 ـ وقوله عليه السّلام « وما ينكرون لصاحب هذا الأمر ؟ فان لصاحب الزمان شبهاً من موسى و رجوعه من غيبته بشرخ الشباب » (4).
    6 ـ وقوله عليه السّلام : « لو قد قام قائمنا لأنكره الناس ـ يعني : معظمهم ـ لأنه يرجع إليهم شاباًً ، موفّقاً لا يثبت عليه إلاّ من قد أخذ الله ميثاقه في الذرِّ الاوّل » (5).
    لأنهم يحسبون أنه عليه السّلام لو بقي حيّاً في تلك الفترة الطوية لكان شيخاًً هرماً كبيراًً ، ويؤيّد هذا.
1 ـ إكمال الدين 2 : 342 / 23 باب 33.
2 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 421 / 400.
3 ـ إكمال الدين 2 : 352 ـ 357 / 50 باب 33.
4 ـ منتخب الأنوار المضيئة : 188 فصل 12 ، وصححه.
5 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 188 / 43 باب 10 ، و : 211 / 20 باب 12.


(296)
    7 ـ قوله عليه السّلام : « وإن أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شاباً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً » (1) أي : أن طول العمر.
    8 ـ وقوله عليه السّلام في بيان وجه الشبه بين الإمام المهدي عليه السّلام ونبي الله نوح والخضر عليهم السّلام :
     « وأما إبطاء نوح عليه السّلام فإنّه لما استنزل العقوبة ( من السماء ) بعث الله إليه جبرئيل عليه السّلام معه سبع نويات فقال : يا نبيِّ الله إنّ الله جلّ اسمه يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلاّ بعد تأكيد الدعوة ، وإلزام الحجة ، فعاود إجتهادك في الدعوة لقومك فإنّي مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى ، فانّ لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا اثمرت الفرج والخلاص ، وبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.
    فلما نبتت الأشجار وتأزّرت وتسوّقت واغصنت وزها الثمر عليها بعد زمان طويل استنجز من الله العدة فأمره الله تعالى أن يغرس من نوى تلك الاشجار ، ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكّد الحجة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل وقالوا : لو كان ما يدّعيه نوح حقاًً لما وقع في عدته خلف.
    ثم إنّ الله تعالى لم يزل يأمره عند إدراكها كل مرَّة أن يغرس تارة بعد أُخرى إلى أن غرسها سبع مرّات ، وما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدَّ منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عادوا إلى نيّف وسبعين رجلاً ،

1 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 189 / ذيل ح 43 باب 10.

(297)
فأوحى الله عزَّوجلَّ عند ذلك إليه وقال : الآن أسفر الصبح عن اللّيل لعينك حين صرّح الحق عن محضه وصفا الأمر للإيمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة ... وكذلك القائم عليه السّلام فإنّه تمتدُّ غيبته ليصرِّح الحق عن محضه ، ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كلِّ من كانت طينته خيبثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والامن المنتشر في عهد القائم عليه السّلام ... وأما العبد الصالح ـ أعني الخضر عليه السّلام ـ فإنّ الله تعالى ما طوّل عمره لنبوَّة قرَّرها له ولا لكتاب نزّل عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء عليهم السّلام ، ولا لإمامة يلزم عبادة الاقتداء بها ، و لا لطاعة يفرضها ، بلى إن الله تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليه السّلام في أيّام غيبته منا يقدّره ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك إلاّ لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه السّلام ، ليقطع بذلك حجة المعاندين لئلّا يكون للنّاس على الله حجة » (1).

    ثانياً ـ شبهة القول بعدم الولادة ، أو الوفاة بعد حصولها :
    وأساس هذه الشبهة ما ذكره النوبختي والأشعري والشيخ المفيد وغيرهم من وجود بعض الإختلاف بين الناس بعد وفاة الإمام العسكري عليه السّلام فمنهم من قال إن الإمام العسكري عليه السّلام مات بلا عقب ، ومنهم من قال مات
1 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 170 ـ 173 / 129 ، وإكمال الدين 2 : 352 / 50 باب 33.

(298)
بعد ولادته ، ومنهم من قال ولد قبل وفاة أبيه بسنتين ، والجواب :
    1 ـ قال الإمام الصادق عليه السّلام : « أما والله ليغيبن إمامكم سنين من دهركم ، ولَتُمَحِّصُنَّ حتى يُقال : مات ، أو هلك ، بأي وادٍ سلك » (1).
    2 ـ وفي الصحيح عنه عليه السّلام قوله لزرارة في الإمام المهدي عليه السّلام : « يا زرارة وهو الذي يُشكّك في ولادته ، فمنهم من يقول : مات أبوه بلا خلف ، ومنهم من يقول : حمل ، ومنهم من يقول : غائب ، ومنهم من يقول : وُلِدَ قبل وفاة أبيه بسنتين ، وهو المنتظر غير أن الله يحبّ أن يمتحن قلوب الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة » (2).
    3 ـ وقال عليه السّلام : « أما إنّه لو قد قام ، لقال الناس : أنى يكون ذلك ، وقد بُليت عظامه منذ كذا وكذا !! » (3).
    ويصب في الجواب أيضاً أحاديث شك الناس بسبب خفاء الولادة ، وأحاديث التمحيص والاختبار وكثير غيرها أما ذكرناه في محله من هذا البحث.
    4 ـ وقوله عليه السّلام في تشبيه غيبة الإمام المهدي عليه السّلام بغيبة النبي عيسى عليه السّلام قال : « وأما غيبة عيسى عليه السّلام فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل فكذّبهم الله عزّوجلّ بقوله : ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه
1 ـ كتاب الغيبة / النعماني 204 / 6 باب 12.
2 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 166 ـ 167 / 6 باب 10 أخرجه من ثلاث طرق ، عن زرارة.
3 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 155 / 13 و 14 باب 10.


(299)
لهم ) (1).
    كذلك غيبة القائم فإنّ الأمة ستنكرها لطولها فمن قائل يقول : إنه لم يولد ، وقائل يفتري بقوله : إنّه ولد ومات ، وقائل يكفر بقوله : إنَّ حادي عشرنا كانت عقيماً ، وقائل يمرق بقوله : إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر فصاعداً ، وقائل يعصي الله بدعواه : إنّ روح القائم عليه السّلام ينطق في هيكل غيره » (2).

    ثالثاً ـ شبهةحول استمرار وجوده الشريف :
    وقد نبّه الإمام الصادق عليه السّلام على هذه الشبهة ، وأكدّ حياة الإمام المهدي واستمرار وجوده الشريف ، بقوله : « .. وينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلفه .. وذلك بعد غيبة طويلة » (3).
    وهذا يتضمّن استمرار وجوده الشريف في غيبته وإلاّ كيف يصلّي عيسى عليه السّلام خلفه ؟
    وقوله عليه السّلام : في الصحيح لحازم بن حبيب : « يا حازم إن لصاحب هذا الأمر غيبتين يظهر في الثانية ، فمن جاءك يقول أنه نفض يده من تراب قبره فلا تصدّقه » (4) وفي هذا تأكيد على استمرار وجوده الشريف في غيبته
1 ـ سورة النساء : 4 / 157.
2 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 170 / 129 ، وإكمال الدين 2 : 352 / 50 باب 33.
3 ـ مختصر اثبات الرجعة / الفضل بن شاذان : 216 ـ 217 / 18.
4 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 54 / 46.


(300)
مهما طال بها الزمان.
    وهناك أحاديث اُخرى صرّحت بطول الغيبة الثانية كقوله عليه السّلام : « إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين : إحداهما تطول حتى يقول بعضهم : مات ، وبعضهم يقول : قُتل ، وبعضهم يقول : ذهب .. » (1). وغيرها من الأحاديث التي سبقت في تأكيده عليه السّلام على أنّ للمهدي عليه السّلام غيبتين.
    كما أن الأحاديث المتقدمة في طول العمر كلها تصبّ في الجواب على هذه الشبهة أيضاً.

    رابعاًً ـ شبهة حول هوية الإمام الغائب عليه السّلام :
    ومفاد هذه الشبهة ـ كما عند بعضهم ـ أنه ادُّعِيَتْ الغيبة عند أكثر فرق الشعية التي زعمت إمامة أئمّتهم والقول بمهدويتهم وغيبتهم كالكيسانية والناووسة والواقفية وغيرها.
    الأمر الذي أدّي ـ بزعمهم ـ إلى عدم معرفة الحقيقة في خضم هذه المدعيات !!
    وقدمرّ الجواب مفصلاً في هذا الباب على سائر تلك الفرق.
    ويزيد الأمر وضوحاً ما قاله الإمام الصادق عليه السّلام في تحديد هوية الإمام الغائب في أحاديث شتى ، نكتفي بالتذكير بواحد منها وهو ما قاله عليه السّلام للسيد الحميري : « إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي ، وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله .. الحديث » وقد بيّن عليه السّلام فيه وفي غيره
1 ـ كتاب الغيبة / الشيخ النعماني : 171 ـ 172 / 5 باب 10 ، وعقد الدرر / المقدسي الشافعي : 178 ـ 179 باب 5.
غيبة الإمام المهدي ::: فهرس