المجموعة الأولى 1-20
المجموعة الثانية 21-40
المجموعة الثالثة 41-60
المجموعة الرابعة 61-80
المجموعة الخامسة 81-100
المجموعة السادسة 101-120
أرسل كتاباً
الصفحة الرئيسية للموقع
 
 

الدليل على صحة امر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام):

والدليل على صحة أمر أبيه أنا وإياكم مجمعون على أنه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن (علي الهادي ع) تثبت به حجة الله وينقطع به عذر الخلق وإن ذلك الرجل تلزم حجته من نأى عنه من أهل الاسلام كما تلزم من شاهده وعاينه ونحن وأكثر الخلق ممن قد لزمتنا الحجة من غير مشاهدة فننظر في الوجه الذي لزمتنا منه الحجة ما هي؟

ثم ننظر من أولى من الرجلين اللذين لا عَقِب لابي - الحسن غيرهما فأيهما كان أولى فهو الحجة والامام ولا حاجة بنا إلى التطويل،

ثم نظرنا من أي وجه تلزم الحجة من نأى عن الرسل والائمة (عليهم السلام) فاذا ذلك بالاخبار التي توجب الحجة وتزول عن ناقليها تهمة التواطؤ عليها والاجماع على تخرصها ووضعها.

ثم فحصنا عن الحال فوجدنا فريقين ناقلين:

يزعم أحدهما أن الماضي (عليه السلام) نص على الحسن (عليه السلام) وأشار إليه ويروون مع الوصية وما له من خاصة الكبر أدلة يذكرونها وعلما يثبتونه.

ووجدنا الفريق الاخر يروون مثل ذلك لجعفر لا يقول غيرهذا

 (ثم) نظرنا:

فاذا الناقل لاخبار جعفر جماعة يسيرة والجماعة اليسيرة يجوز عليها التواطؤ والتلاقي والتراسل فوقع نقلهم موقع شبهة لا موقع حجة وحجج الله لا تثبت بالشبهات.

ونظرنا في نقل الفريق الاخر فوجدناهم جماعات متباعدي الديار والاقطار، مختلفي الهمم والاراء متغايرين، فالكذب لا يجوز عليهم لنأي بعضهم عن بعض ولا التواطؤ ولا التراسل والاجتماع على تخرص خبر ووضعه، فعلمنا أن النقل الصحيح هو نقلهم وأن المحق هؤلاء، ولانه إن بطل ما قد نقله هؤلاء على ما وصفنا من شأنهم لم يصح خبر في الارض وبطلت الاخبار كلها.

فتأمل - وفقك الله - في الفريقين فانك تجدهم كما وصفت، وفي بطلان الاخبار هدم الاسلام وفي تصحيحها تصحيح خبرنا، وفي ذلك دليل على صحة أمرنا، والحمد لله رب العالمين.

ثم رأيت الجعفرية (أي الذي يقولون بإمامة جعفر الكذاب) تختلف في إمامة جعفر من أي وجه تجب؟ فقال قوم: بعد أخيه محمد، وقال قوم: بعد أخيه الحسن، وقال قوم: بعد أبيه.

لا بد من رجل من ولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام):

ورأيناهم لا يتجاوزون ذلك ورأينا أسلافهم وأسلافنا قدرووا قبل الحادث ما يدل على إمامة الحسن وهو ما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إذا توالت ثلاثة أسماء: محمد وعلي والحسن فالرابع القائم " وغير ذلك من الروايات وهذه وحدها توجب الامامة للحسن، وليس إلا الحسن وجعفر. فاذا لم تثبت لجعفر حجة على من شاهده في أيام الحسن والامام ثابت الحجة على من رآه ومن لم يره فهو الحسن اضطرارا، وإذا ثبت الحسن (عليه السلام) وجعفر عندكم مبرء تبرأ منه والامام لا يتبرأ من الامام والحسن قد مضى ولا بد عندنا وعندكم من رجل من ولد الحسن (عليه السلام) تثبت به حجة الله، فقد وجب بالاضطرار للحسن ولد قائم (عليه السلام).

وقل يا أبا جعفر - أسعدك الله - لابي الحسن أعزه الله (أي ابن بشار): يقول محمد بن عبد الرحمن قد أوجدناك إنية المدعى له فأين المهرب؟ هل تقر على نفسك بالابطال كما ضمنت أو يمنعك الهوى من ذلك فتكون كما قال الله تعالى: " وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم ".

فأما ما وسم به أهل الحق من اللابدية لقولهم: " لا بد ممن تجب به حجة الله ":

فيا عجبا فلا يقول أبو الحسن لا بد ممن تجب به حجة الله؟ وكيف لا يقول وقد قال عند حكايته عنا وتعييره إيانا: " أجل لا بد من وجوده فضلا عن كونه " فان كان يقول ذلك فهو وأصحابه من اللابدية وإنما وسم نفسه وعاب، وإن كان لا يقول ذلك فقد كفينا مؤونة تنظيره ومثله بالبيت والسراجوكذا يكون حال من عاند أولياء الله يعيب نفسه من حيث يرى أنه يعيب خصمه، والحمد لله المؤيد للحق بأدلته.

ونحن نسمي هؤلاء بالبُدِّية إذ كانوا عبدة البُدّ قد عكفوا على ما لا يسمع ولا يبصر ولايغني عنهم شيئا. وهكذا هؤلاء.

كلام ابن قبة في الغيبة:

ونقول: يا أبا الحسن - هداك الله - هذا حجة الله على الجن والانس ومن لا تثبت حجته على الخلق إلا بعد الدعاء والبيان محمد(صلى الله عليه وآله) وآله قد أخفى شخصه في الغار حتى لم يعلم بمكانه ممن احتج الله عليهم به إلا خمسة نفر.(1)

فان قلت: إن تلك غيبة بعد ظهوره وبعد أن قام على فراشه من يقوم مقامه.

قلت لك: لسنا نحتج عليك في حال ظهوره ولا استخلافه لمن يقوم مقامه من هذا في قبيل ولا دبير(2) وإنما نقول لك: أليس تثبت حجته في نفسه في حال غيبته على من لم يعلم بمكانه لعلة من العلل فلا بد من أن تقول: نعم، قلنا: ونثبت حجة الامام وإن كان غائبا لعلة اخرى وإلا فما الفرق؟

ثم نقول: وهذا أيضا لم يغب حتى ملأ آباؤه (عليهم السلام) آذان شيعتهم بأن غيبته تكون، وعرَّفوهم كيف يعملون عند غيبته.

فان قلت في ولادته، فهذا موسى (عليه السلام) مع شدة طلب فرعون إياه وما فعل بالنساء والاولاد لمكانه حتى أذن الله في ظهوره، وقد قال الرضا (عليه السلام) في وصفه: " بأبى و امي شبيهي وسمي جدي وشبيه موسى بن عمران.

وحجة اخرى نقول لك: يا أبا الحسن أتقر أن الشيعة قدروت في الغيبة أخبارا؟ فان قال: لا، أوجدناه الاخبار، وإن قال: نعم، قلنا له فكيف تكون حالة الناس إذا غاب إمامهم فكيف تلزمهم الحجة في وقت غيبته، فان قال: يقيم من يقوم مقامه، فليس يقوم عندنا وعندكم مقام الامام إلا الامام، وإذا كان إماما قائما فلاغيبة وإن احتج بشيء آخر في تلك الغيبة فهو بعينه حجتنا في وقتنا لا فرق فيه ولافصل.

كلام ابن قبة في فساد امر جعفر:

ومن الدليل على فساد أمر جعفر: موالاته وتزكيته فارس بن حاتم -لعنه الله-(3) وقد برىء منه أبوه، وشاع ذلك في الامصار حتى وقف عليه الاعداء فضلا عن الاولياء.

ومن الدليل على فساد أمره استعانته بمن استعان في طلب الميراث من أم الحسن (عليه السلام) وقد أجمعت الشيعة أن آباءه (عليهم السلام) أجمعوا أن الاخ لا يرث مع الام.

ومن الدليل على فساد أمره قوله: إنى إمام بعد أخي محمد، فليت شعري متى تثبت إمامة أخيه وقد مات قبل أبيه حتى تثبت إمامة خليفته، ويا عجبا إذا كان محمد يستخلف ويقيم إماما بعده وأبوه حي قائم وهو الحجة والامام فما يصنع أبوه، و متى جرت هذه السنة في الائمة وأولادهم حتى نقبلها منكم، فدلونا على ما يوجب إمامة محمد حتى إذا ثبتت قبلنا إمامة خليفته. والحمد لله الذي جعل الحق مؤيدا والباطل مهتوكا ضعيفا زاهقا.

فأما ما حكى عن ابن أبى غانم (رحمه الله) فلم يرد الرجل بقوله عندنا يثبت إمامة جعفر، وإنما أراد أن يعلم السائل أن أهل هذه البيت لم يفنوا حتى لا يوجد منهم أحدا.

رد على كلماته الأخرى:

قوله: " وكل مطاع معبود " فهو خطأ عظيم لانا لا نعرف معبوداً إلا الله ونحن نطيع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا نعبده.

رد ابن قبة على خاتمة كتاب ابن بشار:

وأما قوله: نختم الان هذا الكتاب بأن نقول: إنما نناظر ونخاطب من قد سبق منه الاجماع بأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله - إلى قوله - وصح أن في ذلك البيت سراجا، ولا حاجة بنا إلى دخوله.

فنحن - وفقك الله - لا نخالفه وأنه لا بد من إمام قائم من أهل هذا البيت تجب به حجة الله وإنما نخالفه في كيفية قيامه وظهوره وغيبته.

وأما ما مثَّل به من البيت والسراج فهو مُنى، وقد قيل: إن المنى رأس أموال المفاليس.

ولكنا نضرب مثلا على الحقيقة لا نميل فيه على خصم ولا نحيف فيه على ضد، بل نقصد فيه الصواب.

فنقول: كنا ومن خالفنا قد أجمعنا على أن فلانا مضى 8وله ولدان وله دار وأن الدار يستحقها منهما من قدر على أن يحمل باحدى يديه ألف رطل وأن الدار لا تزال في يدي عقب الحامل(4) إلى يوم القيامة، ونعلم أن أحدهم8ا يحمل والاخر يعجز،

ثم احتجنا أن نعلم من الحامل منهما فقصدنا مكانهما لمعرفة ذلك فعاق عنهما عائق منع عن مشاهدتهما، غير أنا رأينا جماعات كثيرة في بلدان نائية متباعدة بعضها عن بعض يشهدون أنهم رأوا أن الاكبر منهما قد حمل ذلك، ووجدنا جماعة يسيرة في موضع واحد يشهدون أن الاصغر منهما فعل ذلك، ولم نجد لهذه الجماعة خاصة يأتوا بها،

فلم يجز في حكم النظر وحفيظة الانصاف وما جرت به العادة وصحت به التجربة رد شهادة تلك الجماعات وقبول شهادة هذه الجماعة و التهمة تلحق هؤلاء وتبعد عن أولئك.

فان قال خصومنا: فما تقولون في شهادة سلمان وأبى ذر وعمار والمقداد لامير المؤمنين (عليه السلام)، وشهادة تلك الجماعات وأولئك الخلق لغيره أيهما كان أصوب؟

قلنا لهم: لامير المؤمنين (عليه السلام) وأصحابه امور خص بها وخصوا بها دون من بازائهم، فان أوجدتمونا مثل ذلك أو ما يقاربه لكم فأنتم المحقون: أو لها أن أعداءه كانوا يقرون بفضله وطهارته وعلمه، وقد روينا ورووا له معنا أنه (صلى الله عليه وآله) خبر " أن الله يوالي من يواليه ويعادي من يعاديه " فوجب لهذا أن يتبع دون غيره، والثاني أن أعداءه لم يقولوا له: نحن نشهد أن النبي (صلى الله عليه وآله) أشار إلى فلان بالامامة ونصبه حجة للخلق وإنما نصبوه لهم على جهة الاختيار كما قد بلغك، والثالث أن أعداءه كانوا يشهدون على أحد أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه لا يكذب لقوله (صلى الله عليه وآله): " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " فكانت شهادته وحده أفضل من شهادتهم، والرابع أن أعداءه قد نقلوا ما نقله أولياؤه مما تجب به الحجة وذهبوا عنه بفساد التأويل، والخامس أن أعداءه رووا في الحسن والحسين أنهما سيدا شباب أهل الجنة، ورووا أيضا أنه (صلى الله عليه وآله) قال: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " فلما شهدا لأبيهما بذلك وصح أنهما من أهل الجنة بشهادة الرسول وجب تصديقهما لانهما لو كذبا في هذا لم يكونا من أهل الجنة وكانا من أهل النار وحاشا لهما الزكيين الطيبين الصادقين، فليوجدنا أصحاب جعفر خاصة هي لهم دون خصومهم حتى يقبل ذلك، وإلا فلا معنى لترك خبر متواتر لا تهمة في نقله ولا على ناقليه وقبول خبر لا يؤمن على ناقليه تهمة التواطؤ عليه، ولا خاصة معهم يثبتون بها ولن يفعل ذلك إلا تائه حيران).

دعاؤه للخصم بالهداية:

فتأمل - أسعدك الله - في النظر فيما كتبت به إليك مما ينظر به الناظر لدينه، المفكر في معاده المتأمل بعين الخيفة والحذار إلى عواقب الكفر والجحود موفقا إن شاء الله تعالى أطال الله بقاءك وأعزك وأيدك وثبتك و جعلك من أهل الحق وهداك له وأعاذكمن أن تكون من الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ومن الذين يستزلهم الشيطان بخدعه و غروره وإملائه وتسويله وأجرى لك أجمل ما عودك. (انتهى كلام ابن قبة في رده على ابن بشار).

استدلال آخر:

قال الشيخ الصدوق: وقال غيره (أي غير ابن قبة) من مشايخ الإمامية:

إن عامة مخالفينا قد سألونا في هذا الباب عن مسائل ويجب عليهم أن يعلموا أن القول بغيبة صاحب الزمان (عليه السلام) مبني على القول بإمامة آبائه (عليهم السلام)، والقول بأمامة آبائه (عليهم السلام) مبني على القول بتصديق محمد (صلى الله عليه وآله) وإمامته، وذلك أن هذا باب شرعي وليس بعقلي محض والكلام في الشرعيات مبني على الكتاب والسنة كما قال الله عزوجل: " فإن تنازعتم في شيء (يعني في الشرعيات) فردوه إلى الله وإلى الرسول " فمتى شهد لنا الكتاب والسنة وحجة العقل فقولنا هو المجتبى.

ونقول: إن جميع طبقات الزيدية و الامامية قد اتفقوا على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وهما الخليفتان من بعدي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " وتلقوا هذا الحديث بالقبول.

فوجب: أن الكتاب لا يزال معه من العترة من يعرف التنزيل والتأويل علما يقينيا يخبر عن مراد الله عزوجل كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخبر عن المراد ولا يكون معرفته بتأويل الكتاب استنباطا ولا استخراجا كما لم تكن معرفة الرسول (صلى الله عليه وآله) بذلك استخراجا ولا استنباطا ولا استدلالا ولا على ما تجوز عليه اللغة وتجري عليه المخاطبة، بل يخبر عن مراد الله ويبين عن الله بيانا تقوم بقوله الحجة على الناس كذلك يجب أن يكون معرفة عترة الرسول (صلى الله عليه وآله) بالكتاب على يقين ومعرفة وبصيرة.

قال الله عزوجل في صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله): " قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " فأتباعه من أهله وذريته وعترته هم الذين يخبرون عن الله عزوجل مراده من كتابه على يقين ومعرفة وبصيرة، ومتى لم يكن المخبر عن الله عزوجل مراده ظاهرا مكشوفا فانه يجب علينا أن نعتقد أن الكتاب لا يخلو من مقرون به من عترة الرسول (صلى الله عليه وآله) يعرف التأويل والتنزيل إذ الحديث يوجب ذلك.(5)

كلمتنا حول منهج اثبات وجود الامام المهدي (عليه السلام):

أقول: إن الايمان بوجود ولد للحسن العسكري هو المهدي الذي بشر به النبي (صلى الله عليه وآله)وأنه غاب غيبة صغرى باشر فيها توجيه شيعته من خلال النواب الأربعة دامت سبعبن سنة تقريبا ثم غيبة كبرى استمرت الى اليوم وفيها أرجع شيعته الى الفقهاء العدول رواة حديث آبائه (عليهم السلام) يتوقف على التصديق بقضيتين:

القضية الاولى:

أصل معتقد الإمامة الإلهية عند الشيعة ويتمثل بالوصية والعصمة وأن المهدي الذي بشَّر به النبي هو من أهل البيت ومن ولد فاطمة (عليها السلام) وأن الأئمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) اثنا عشر يُعرَفون بالنص والوصية من النبي ثم نص السابق على اللاحق، وأن الإمامة بعد الحسن هي للحسين ثم في تسعة من ذريته وانها لا تعود بعد الحسن والحسين في أخوين بل هي في ولد الامام السابق بوصية وتعريف منه.

القضية الثانية:

الإيمان بأن الشيعة الإثني عشرية هم الذين حملواعن الأئمة الأحد عشر فقههم وأحاديثهم وتاريخهم الخاص ومن ثم قبول تشخيص علماء الشيعة الاثني عشرية لحواريي أئمتهم وحملة علومهم وثقاة الرواة عنهم.

وسر الإحتياج للقضية الأولى هو: أن الإيمان بكون محمد بن الحسن العسكري الغائب هو الإمام الثاني عشر بنص من ابيه انما هو فرع لها وليس قضية مستقلة عنها أو في عرضها.

وسر الإحتياج للقضية الثانية هو: أن الشيعة رووا عن الأئمة كثيرا من الأمور التي انفردوا بها عن غيرهم ومنها ما رووه عنهم (عليهم السلام): بأن الثاني عشر منهم سيغيب غيبة كبرى وتطول أيامه ومنها ما أخبر به الحسن العسكري خواصه وحوارييه بوجود ولد لههو الأمام من بعده وهو المهدي الموعود وغير ذلك، ثم إن الشيعة اجتمعت كلمة جمهورهم وغالبيتهم في عصر الغيبة الصغرى على الإيمان بمحمد بن الحسن العسكري وبغيبته وانتظار ظهوره والوقوف عند امامته.

وفي ضوء هاتين القضيتين يصبح البحث حول وجود ولد للحسن العسكري وكونه الامام الثاني عشر وهو الغائب المنتظر موضوعيا ومنتجا، أما إذا ألغينا التصديقبالقضيتين الآنفتي الذكر فإن الطريق لإثبات الغائب المنتظر محمد بن الحسن العسكري سيكون مسدودا تماماً وذلك لان الحسن العسكري (عليه السلام) اخفى ولادة ابنه محمداً الاّ عن خاصة اصحابه.

رد احمد الكاتب لكلا القضيتين:

والذي صنعه الأستاذ الكاتب اللاري في كتابه هو ردُّه لكلا القضيتين:

أما القضية الأولى: (وهي أصل المعتقد الشيعي بالوصية والعصمة والإثني عشرية) فانتهى فيها بزعمه الى:

- أن الوصية التي يقول بها الشيعة فكرة ادخلها الى التشيع عبد الله بن سبأ في النصف الأول من القرن الأول الهجري.

- وأن العصمة فكرة مستحدثة في الفكر الشيعي ظهرت في القرن الثاني الهجري تأثرا بالفكر الاموي.

- وانتهى بزعمه أيضا الى ضعف الأحاديث التي تحدد الأئمة بعد النبي بإثني عشر، فضلا عن تضعيف روايات النص على الإمام اللاحق من الإمام السابق.

وأما القضية الثانية: (وهي وثاقة الشيعة فيما يروون عن أئمتهم) فانتهى فيها الى:

- اتهام الشيعة الأوائل القائلين بالوصية المشابهة لوصية موسى لهارون أو وصية موسى ليوشع بانهم تلقوا الفكرة من عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أسلم على عهد عثمان.

- واتهام متكلمي الشيعة الأوائل أمثال أبي بصير ليث بن البختري المرادي الكوفي(6) وحمران بن أعين الشيباني الكوفي(7) وهشام بن الحكم(8) وعلي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار(9) ومحمد بن الخليل السكاك صاحب هشام ومؤمن الطاق وهشام بن سالم وغيرهم بأنهم أدخلوا فكرة العصمة والنص إلى التشيع.

- ثم اتهم مراجعهم الاوائل النواب الاربعة في عصر الغيبة الصغرى بانتحال ولد للحسن العسكري كذبا والقول بغيبته وانتظاره.

- ثم اتهم الذين جاءوا بعدهم أمثال ابن شاذان والشيخ الكليني والشيخ الصدوق وابو سهل النوبختي وابن قبة و الشيخ المفيد والشريف المرتضى والطوسي وغيرهم من أعلام الشيعة الاثني عشرية الى اليوم كرَّسوا النهج التحريفي للتشيع المتمثل بالوصية والعصمة والقول بوجود ولد للحسن العسكري وحصر الأئمة بإثني عشر والقول بالغيبة.

أقول:

والمنهج العلمي يقتضي البحث في القضية الاولى و الإستدلال على مفرداتها الأساسية (الوصية و النص والعصمة والإثني عشرية)، فإذا تم الدليل عليها من الكتاب والسنة يرتفع الإتهام عن قدماء الشيعة بكونهم استوردوا فكرة الوصية من عبد الله بن سبأ او أدخلوا فكرة العصمة وغيرها، وتعود لروايتهم عن أخبار أئمتهم وخصوصيات تاريخهم الحجية والإعتبار كما هو الحال في إعتبار رواية قدماء مذهب المالكي أو الحنبلي والشافعي أو الحنفي عن خصوصيات ائمتهم وأخبارهم.(10)

ومن الجدير ذكره ان اتهام الشيخ الكاتب اللاري لقدماء الشيعة شبيه باتهام عامر الشعبي وخلفائه لخواص أصحاب علي (عليه السلام) وصفوتهم كالأصبغ بن نباتة(11) والحارث الأعور الهمداني(12) ورشيد الهجري وحبة العرني ونظراءهم حين قالوا عنهم انهم ليسوا يساوون شيئا فيما ينفردون به من رواية ومن ثم اهملوا جل تراثهم الذي رووه عن علي (عليه السلام) ودونوه في صحف.

الفصل الخامس: الضرورة التي تفرض الإيمان بأنَّ المهدي الموعود هو ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

سؤاله

ما هي المشكلة في الإيمان بولادة الامام المهدي في المستقبل وعندما يأذن الله؟ لماذا الإصرار على ولادته في الماضي السحيق وبقائه على قيد الحياة بصورة غير طبيعية؟(13).

جوابنا

إن الأمر الذي يفرض الإيمان بولادة المهدي الموعود في الماضي السحيق وكونه الثاني عشر من الأئمة والتاسع من ذرية الحسين هو صحة اطروحة التشيع الإمامي الإثني عشري وصحة إمامة آباء المهدي (عليه السلام) فلو لم تصح إمامة آبائه (عليهم السلام) لم تصح إمامته، ثم الدليل القاطع تاريخيا على ولادته ونص ابيه عليه وممارسته وظيفته كإمام بعد وفاة ابيه كما مرت الإشارة الى ذلك من خلال البحوث السايقة.

أما الأمر الذي يفرض الإيمان ببقاء المهدي على قيد الحياة بصورة غير طبيعية فهو النقل المتواتر للشيعة عن الأئمة (عليهم السلام) بان الثاني عشر منهم له غيبة طويلة، مضافا الى سبق تجارب مماثلة في الأمم السابقة قص القرآن علينا خبرها كقصة غيبة عيسى وقصة طول عمر نوح وقد شاء الله تعالى ان يتكرر ما جرى في الأمم السابقة في امة النبي الخاتم ان يكون عمره كعمر نوح وغيبة كغيبة عيسى.(14)

وإضافة الى هذا النقل المتواتر عن المعصومين الذي يفرض علينا الإيمان بولادة المهدي فهناك أمر مهم متفق على وقوعه في آخر الزمان ينبه على صحة الإطروحة الشيعية للمهدي الموعود وكفاءتها في تحقيق الأهداف المرجوة وعدم كفاءة الأطروحة السنية للمهدي الموعود في تحقيق ذلك ويتمثل هذا الأمر بظهور عيسى في آخر الزمان وفيما يلي عرض موجز لهذه القضية:

إن التصور القرآني عن عيسى يفيد ان الله تعالى بعثه مبشرا بالنبي الموعود (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُول يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ)الصف/6، ويؤكد التصور القرآني ان التبشير بالنبي محمد (صلى الله عليه وآله) لم يبدأ بعيسى بل مارسه الأنبياء جميعا.

ومما لا شك فيه هو ان احد ابرز الأهداف من المجيء الثاني لعيسى هو إقامة الشهادة للنبي المكي ودعوة المسيحيين والنصارى للإسلام. وسواء افترضنا ان عيسى سوف يظهر قبل المهدي للتمهيد لظهوره أو يظهر بعد ظهوره مؤيدا للمهدي في مواجهته للمسيحيين واليهود لاتمام الحجة عليهم قبل وقوع العذاب الإلهي الشامل الموعود على المكذبين منهم فإن ظهور عيسى سوف يكون بحاجة الى استيعاب علمي وقيادي من قبل المهدي الموعود باعتباره يقوم شاهدا له وللرسالة التي يرفع شعارها وكتابها وتابعا  له.

والمهدي على التصور السني لن يكون قادرا على استيعاب المسيح بل هو غير قادر على استيعاب طوائف المسلمين.

لن يكون قادرا على استيعاب المسيح لان المسيح نبي ورسول معصوم ومؤيد الهيا بالمعجزات ومثله لا يمكن ان يستوعبه انسان غير مؤيد بالمعجزات والعصمة والعلم التام.

ولن يكون قادرا على استيعاب الأمة المسلمة بلا تأييد الهي بالمعجزة والعصمة والعلم التام لوجود مشكلات اساسية:

منها: مشكلة إثبات كونه المهدي الموعود، فهو من دون التأييد الالهي الخاص لن يكون قادرا على كسب القناعة الموضوعية التامة من الآخرين.

ومنها: مشكلة إقناع علماء زمانه بالخضوع لآرائه في الجرح والتعديل وتخريج الحديث والإستنباط منه فهو على أكثر تقدير مجتهد كباقي المجتهدين يجوز للعوام ان يرجعوا اليه ويخضعوا لأفكاره اما المجتهدون الآخرون فلا يوجد أي مبرر للخضوع لفهمه اما تخريجه للحديث وأراؤه في الجرح والتعديل فستكون المشكلة فيها أعظم لو تجاوز فيها ائمة الجرح والحديث التاريخيين كالبخاري وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم.

ومنها: مشكلة النظام السياسي الذي يسمح له ان يشكل تجمعه الحركي إذ الأنبياءمع التأييد الإلهي لم يسلموا من الإستضعاف فكيف بالمهدي غير المؤيد.

ومنها: مشكلة الشيعة الذين لن يؤمنوا بمثل مهدي غير معصوم وغير منصوص عليه ولم يكن ابنا للحسن العسكري (عليه السلام) وليس هو الا مهديهم.

وقد يقول قائل: بأننا نفترض ان المهدي بالتصور السني مؤيد بالمعجزة والعلم التام والعصمة.

قلنا: ان هذا الإفتراض سيجعل من المهدي على الأطروحة السنية نبيا لاننا افترضنا ان علمه علم تام لم يستمد من معلم بشري، وليس من شك ان هذا الفرض سوف يكون خلاف القرآن الذي نص على ان محمدا خاتم النبيين.

وهذا بخلاف المهدي على التصور الشيعي فهو ليس نبيا بل هو عالم مطهر معصوم وارث لتراث جده عن طريق آبائه ملهم بذلك العلم الموروث معرَّف بالنص عليه من قبل ابيه المعرَّف من قبل آبائه المعصومين حتى ينتهي الأمر الى النبي (صلى الله عليه وآله) الذي عرَّف بهم جميعا وبعلي في الغدير خاصة وقد وجدت مثل هذه الحالة /أي حالة عالم مطهر وارث للعلم ملهم به وليس بني/ في الأمم السابقة وقص القرآن علينا خبرها.(15)

إذن لابد من مهدي مؤيد بالعلم والعصمة والمعجزة وليس بنبي وليس هو إلا المهدي على الطرح الشيعي الذي يستوعب ما عجز عنه المهدي على الطرح السني.

 

 

 

الهوامش


(1) المراد بالخمسة: على بن أبي طالب، وأبوبكر، وعبد الله بن اريقط الليثى، واسماء بنت أبي بكر، وعامر بن فهيرة. والقصة كما في اعلام الورى هكذا: بقى رسول (صلى الله عليه وآله) في الغار ثلاثة أيام، ثم اذن الله له في الهجرة وقال: يا محمد اخرج عن مكة فليس لك بها ناصر بعد أبى طالب. فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقبل راع لبعض قريش يقال له ابن اريقط فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا ابن اريقط أئتمنك على دمى؟ قال إذاً احرسك وأحفظك ولا أدل عليك، فأين تريد يا محمد؟ قال: يثرب، قالوالله لاسلكن بك مسلكا لايهتدى اليه أحد، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ائت عليا وبشره بان الله قد أذن لى في الهجرة فيهيء لي زادا وراحلة. وقال أبوبكر: ائت اسماء بنتي وقل لها: تهيء لي زادا وراحلتين، وأعلم عامر بن فهيرة أمرنا - وكان من موالى أبى بكر وقد كان أسلم - قل له: ائتنا بالزاد والراحلتين، فجاء ابن اريقط إلى على وأخبره بذلك فبعث على بن أبي طالب (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بزاد و راحلة، وبعث ابن فهيرة بزاد وراحلتين. وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الغار وأخذ به ابن اريقط على طريق نخلة بين الجبال فلم يرجعوا إلى الطريق الا بقديد.

(2) القبيل ما اقبلت به إلى صدرك. والدبير ما أدبرت به عن صدرك، ويقال: فلان ما يعرف قبيلا ولا دبيرا. والمراد ما أقبلت به المرأة من غزلها وما أدبرت. وهذا الكلام تعريض لابن بشار يعنى أنه لا يدرى ما يقول ولسنا نحتج عليه في هذا الامر.

(3) هو فارس بن حاتم بن ماهويه القزوينى نزيل العسكر من اصحاب الرضا (عليه السلام) غال ملعون أهدر أبوالحسن العسكري (عليه السلام) دمه وضمن لمن يقتله الجنة فقتله جنيد. راجع منهج المقال ص 257.

(4) يعنى اولاده وأحفاده.

(5) كمال الدين وتمام النعمة ص 63.

(6) من خواص الامام الباقر والصادق (عليهما السلام).

(7) من خواص الامام الباقر والامام الصادق (عليهما السلام).

(8) تلميذ الامام الصادق وأحد خواص الامام الكاظم.

(9) قال النجاشي: كوفي سكن البصرة من أصحاب الكاظم والرضا من وجوه المتكلمين من أصحابنا كلم أبا الهذيل والنظام.

(10) وقد مر علينا في البحوث السابقة ان جمهور شيعة الحسن العسكري قد اثبتوا له الولد والوصية لهذا الولد من ابيه بالامامة وكونه المهدي الموعود.

(11) قال ابن سعد: روى عن علي وكان من أصحابه وكان صاحب شرط علي. وقا ل نصر بن مزاحم: كان الأصبغ بن نباتة شيخا عابدا وكان من ذخائر علي ممن بايعه على الموت وكان علي يضن به عن الحرب والقتال (وقعة صفين /503). قال البزار أكثر أحاديثه عن علي لا يروي عن غيره. قال بن عدي: والأصبغ بن نباتة لم أخرِّج له ها هنا شيئا لان عامة ما يروي عن علي لا يتابعه عليه أحد.

(12) فال ابن عبد البر: وأظن الشعبي عوقب لقوله في الحارث الهمداني (حدثني الحارث وكان أحد الكذابين) ولم يبن من الحارث كذب وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله على غيره ومن هاهنا والله أعلم كذبه الشعبي لان الشعبي يذهب الى تفضيل ابي بكر والى انه اول من اسلم (جامع بيان العلم ص 445.

(13) كان هذا السؤال ضمن اسئلته التي عرضها في موقع اسلام 21 على الإنترنيت.

(14) نبه القرآن على ظواهر خاصة مضت في الأمم السابقة انها سيجري نظيرها في الآخرين، ونموذج ذلك ما جاء في سورة الصافات حيث ذكر الله تعالى اربعة انبياء بظواهر متميزة في سيرتهم وهم 1. نوح وأبطاء نزول العذاب الذي أنذر به وطول عمره، 2. رجعة ارميا. 3. قصة ابراهيم واسماعيل 3. قصة موسى وهارون. ثم ذكر عنهم القرآن انه ابقى ذكرهم في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) كما في قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ (77) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (78) سَلاَمٌ عَلَى نُوح فِي الْعَالَمِينَ (79)) الصافات/77-79. وقوله تعالى: (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)... وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الآخِرِينَ (119) سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (120)) الصافات/114-120. وقال تعالى (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْح عَظِيم (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109)) الصافات/107-109. (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123)... وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (129)) الصافات/123-129. و (الآخِرين) مصطلح قرآني اراد به القرآن الأمم المحجوجة بالقرآن، وقوله تركنا عليه أي ابقينا ذكره وإذا كان المراد هو الذكر العام فإن غير هؤلاء الأنبياء قد ذكر ايضا إذن مراده الذكر الخاص وهو ان يكون لذكرهم خصوصية في هذه الأمة لإثبات أمر مشابه يحصل يستنكره البعض أو يستغربه، فتجيء التجربة النبوية السابقة لترفع الغرابة او لتثبت الأمر الذي يستنكر، من قبيل الاستغراب من العمر الطويل للمهدي وبطء نزول العذاب الذي أنذر به النبي (صلى الله عليه وآله)فتأتي قصة نوح شاهدا، أو من قبيل حصر الإمامة بعد النبي في إثني عشر من أهل بيته فتأتي قصة ابراهيم واسماعيل ورفع القواعد من البيت وابتلائه بذبح ولده وابتلاء الولد بطاعة ابيه ثم مكافأة الولد بان جعل الله في ذريته النبي محمد وإثني عشر إماما وتكون القصة خير شاهد على صحة أمر الإثني عشرية، أو من قبيل منزلة علي من النبي وجعل الإمامة فيه وفي ذريته فتجيء قصة منزلة هارون من موسى وجعل الإمامة في هارون وذريته. أو من قبيل الاعتقاد برجعة علي (عليه السلام) في آخر الزمان فتجيء قصة رجعة ارميا حيث اماته الله مأة عام ثم بعثه وهو ايليا المذكور هنا وقد فصلنا ذلك في كتابنا (امامة أهل البيت في القرآن الكريم) نرجو ان نوفق لانجازه ونشره.

(15) من قبيل قصة طالوت فهو عالم اصطفاه الله تعالى وجعله وارثا لتراث آل هارون العلمي بالوصية من النبي السابق ثم كان علمه بالتراث علما الهاميا وليس مجرد قراءة من الكتب التي بين يديه قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِىّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَالله عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ قَالَ إِنَّ الله اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَالله يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247) وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)) البقرة/246-248.