المجموعة الأولى 1-20
المجموعة الثانية 21-40
المجموعة الثالثة 41-60
المجموعة الرابعة 61-80
المجموعة الخامسة 81-100
المجموعة السادسة 101-120
أرسل كتاباً
الصفحة الرئيسية للموقع
 
 

وقالت الفرقة الثالثة: ان الحسن بن علي مات وحي بعد موته و هو القائم...

وقالت الفرقة الرابعة: ان الحسن بن علي قد صحت وفاته كما صحت وفاة آبائه بتواطؤ الاخبار التي لا يجوز تكذيب مثلها، وكثرة المشاهدين لموته وتواتر ذلك عن الموالي له والعدو، وهذا ما لا يجب الارتياب فيه، وصح بمثل هذه الاسباب انه لاخلف له، فلما صح عندنا الوجهان ثبت انه لا امام بعد الحسن بن علي، وان الامامة انقطعت وذلك جائز في المعقول والقياس والتعارف، كما جاز ان تنقطع النبوة بعد محمد (صلى الله عليه وآله)... و هذه الفرقة لا توجب قيام القائم ولا خروج مهدي، وتذهب في ذلك الى بعض معاني البداء.

وقالت الفرقة الخامسة: ان الحسن بن علي قد مات وصح موته وانقطعت الامامة الى وقت يبعث الله فيه قائما من آل محمد ممن قد مضى، ان شاء بعث الحسن بن علي وان شاء بعث غيره من آبائه.

وقالت الفرقة السادسة: ان الحسن وجعفرا لم يكونا امامين فان الامام كان محمد الميت في حياة ابيه، وان اباهما لم يوص الى واحد منهما ولا اشار اليه بامامة، وانما ادعيا ما لم يكن لهما بحق،... وادعوا ان لمحمد بن علي خلفا ذكراً. وقال بعضهم انهحي لم يمت وان اباه غيبه وستره خوفا عليه.

وقالت الفرقة السابعة: ان الحسن بن علي توفي ولا عقب له والامام بعده جعفر بن علي اخوه واليه اوصى الحسن ومنه قبل جعفر الوصية وعنه صارت اليه الامامة، وذهبوا في ذلك الى بعض مذاهب الفطحية في عبد الله وموسى ابنى جعفر...

وقالت الفرقة الثامنة: ان الامام جعفر بن علي وان امامته افضت اليه من قبل ابيه على بن محمد وان القول بامامة الحسن كان غلطاً وخطأ...

وقالت الفرقة التاسعة: بمثل مقال الفطحية الفقهاء منهم واهل النظر، ان الحسن بن علي توفي وهو امام بوصية ابيه اليه،... فالامام بعد الحسن بن علي جعفر اخوه لا يجوز غيره، اذ لا ولد للحسن معروف...

وقالت الفرقة العاشرة: ان الامام كان محمد بن علي باشارة ابيه اليه ونصبه له اماما ونصه على اسمه وعينه... ثم بدا لله في قبضه اليه في حياة ابيه فاوصى محمد الى جعفر اخيه بأمر ابيه ووصاه ودفع الوصية والعلوم والسلاح الى غلام له يقال له نفيس كان في خدمة ابي الحسن، وكان عنده ثقة امينا ودفع اليه الكتب والوصية، وامره اذا حدث به حدث الموت، ان يكون ذلك عنده حتى يحدث على ابيه ابي الحسن حدث الموت، فيدفع ذلك كله حينئذ الى اخيه جعفر.

وقالت الفرقة الحادية عشرة: ان الحسن بن علي قد توفي وهو امام وخلف ابنا بالغا يقال له محمد، وهو الامام من بعده وان الحسن بن علي اشار اليه، ودل عليه وامره بالاستتار في حياته مخافة عليه، فهو مستتر خائف في تقية من عمه جعفر...

وقالت الفرقة الثانية عشرة: بمثل هذه المقالة في امامة الحسن بن علي وان له خلفاً ذكرا يقال له على، وكذبوا القائلين بمحمد، وزعموا انه لا ولد للحسن غير علي، انه قد عرفه خاصة ابيه وشاهدوه، وهي فرقة قليلة بناحية سواد الكوفة.

وقالت الفرقة الثالثة عشرة: ان للحسن بن علي ولد ولد بعده بثمانية اشهر وانه مستتر لا يعرف اسمه ولا مكانه...

وقالت الفرقة الرابعة عشرة: لا ولد للحسن بن علي اصلا لانا تبحرنا ذلك بكل وجه وفتشنا عنه سرا وعلانية، وبحثنا عن خبره في حياة الحسن بكل سبب فلم نجده... ولكن هاهنا حبل قائم مشهور قد صح في سرية له وقد وقف على ذلك السلطان والعامة، وصح عندهم ذلك وسيلد ذكرا اماما، واحتجوا بالخبر الذي روى عن جعفر ان القائم يخفى على الناس حمله وولادته.

وقالت الفرقة الخامسة عشرة: نحن لا ندري ما نقول في ذلك وقد اشتبه علينا الامر فلسنا نعلم ان للحسن بن علي ولد ام لا، ام أن الامامة صحت لجعفر ام لمحمد، وقد كثر الاختلاف. الا انا نقول ان الحسن بن علي كان اماما مفترض الطاعة ثابت الامامة، وقد توفى (عليه السلام) وصحت وفاته، والارض لا تخلو من حجة فنحن نتوقف ولا نقدم على القول بامامة احد بعده، اذ لم يصح عندنا ان له خلفاً وخفي علينا امره، حتى يصح لنا الامر ويتبين، ونتمسك بالاول كما امرنا، انه اذا هلك الامام ولم يعرف الذي بعده فتمسكوا بالاول حتى يتبين لكم الآخر).(1)

أقول ويتضح من القراءة السريعة:

ان النصين يتفقان على مسألة تفرق أصحاب الحسن العسكري الى اربع عشرة فرقة وعدم ذكر حجم كل فرقة منها الامر الذي يجعل القارئ محقا أن يفترض ان هذه الفرق متكافئة عدديا، وبالتالي يحكم ببساطة ان نسبة الفرقة الإمامية هي نسبة واحد من اربعة عشر.(2)

وتزداد أهمية وخطورة النتيجة حين نعلم ان النوبختي والأشعري القمي هما من علماء الشيعة المعاصرين لفترة الغيبة الصغرى فالاشعري القمي توفي سنة 301 هجرية والنوبختي توفي في حدود سنة 320 هجرية. والمسألة بهذه الحدود قد يكون القارئ البسيط فيها معذوراً، غير إنه إذا كان قارئا مثقفا له رأي فيما يقرأ أو كان باحثا يريد لبحثه ان يكتسب صفة العلمية والموضوعية أو كان مجددا يريد ان يواجه الملايين ليخطئها في ما لديها ويقدم لها معلومات جديدة ينبغي له القيام بعدة أمور قبل التصديق بالتصور الآنف الذكر وهي:

1. عليه ان يفسر ظاهرة التشابه بين الكتابين وهل هما كتابان حقا ام هما كتاب واحد بعضهما اصل والآخر مهذب بشكل طفيف؟.

2. ان يقوم بتوثيق النسختين فهل المطبوع هو نسخة المؤلف او نسخة عنها او نسخة متأخرة جدا لا يعرف الأصل الذي استنسخت عنه؟

3. أن يقوم بتوثيق النص فيقارن بين النسخة التي بين يديه والمنقول عن الأصل في كتب أخرى في فترات أقدم من النسخة الخطية.

4. ان يبحث عن مصادر أخرى في الموضوع نفسه فقد يجد ما يؤيد أو ما يعارض وعليه ان يعالج التعارض أو يرجح مصدرا على آخر بمرجحات مقبولة علميا.

ومن المؤسف ان الأستاذ الكاتب لم يقم بواحدة من تلك الأمور في هذا المورد الخطير وبقي في إطار نسختي النوبختي والأشعري ليقرر الحقيقة فيقول: (ان الفرقة الإمامية هي شرذمة قليلة من بين اربع عشرة فرقة) ثم يتدرج في الحكم الى ما نقلناه عنه آنفا.

لقد نبهناه في الحلقة الأولى يوم كتبنا ردا على ما نشره في نشرة الشورى الى قيام الباحثين ببحوث حول نسختي الأشعري والنوبختي وكونهما كتابا واحدا لمؤلف واحد هو النوبختي او الأشعري القمي. ومع ذلك لم يستفد من التنبيه ولم يتعرض لأبحاث الباحثين سلباً أو إيحاباً وطبع كتابه وضمَّنه ما نشره في نشرته الشورى مكثراً من الإستشهاد فى كتابه بعبارات فرق الشيعة للنوبختي والمقالات والفرق للأشعري القمي إذ جاء فيه مايقرب من (76) إحالة الى هذين المصدرين من أصل (627) إحالة الى مصادر أخرى في القسم الأول والثاني من كتابه.

ما نقله الشيخ المفيد عن كتاب فرق الشيعة:

مضافا الى ذلك لم يقارن بين ما نقله الشيخ المفيد عن النوبختي في كتابه الفصول المختارة من انقسام اصحاب الحسن العسكري(عليه السلام) الى اربع عشرة فرقة والنص عند الشيخ المفيد كما يلي:

قال الشيخ المفيد ت413 في كتابه الفصول المختارة (ولما توفي أبو محمد الحسن بن علي بن محمد (عليه السلام) إفترق أصحابه بعده على ما حكاه أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي بأربع عشرة فرقة، فقال الجمهور منهم بإمامة القائم المنتظر (عليه السلام)وأثبتوا ولادته وصححوا النص عليه وقالوا هو سمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومهدي الأنام).(3)

ويتضح من هذا النص ان نسخة النوبختي المطبوعة قد أصابها التحريف حين لم يذكر فيها عبارة (الجمهور منهم).(4)

ما ذكره الشيخ ابو سهل النوبختي:

أقول: ويؤكد وقوع هذا التحريف في النسخة المطبوعة لكتاب فرق الشيعة للنوبختي ما ذكره الشيخ ابو سهل اسماعيل بن علي النوبختي(5) وهو خال الحسن بن علي النوبختي صاحب فرق الشيعة.

قال أبو سهل في كتابه (التنبيه في الإمامة): ان الحسن(عليه السلام) خلف جماعة من ثقاته ممن يروي عنه الحلال والحرام ويؤدي كتب شيعته واموالهم ويخرجون الجوابات وكانوا بموضع من الستر والعدالة بتعديله اياهم في حياته، فلما مضى اجمعوا جميعاً على انه قد خلَّف ولدا هو الامام وامروا الناس ان لا يسألوا عن اسمه وان يستروا ذلك من اعدائه، و طلبه السلطان اشد طلب ووكل بالدور والحبالى من جواري الحسن (عليه السلام).(6)

أقول: ومن البعيد جداً ان يكون ابن الأخت وهو معني بالامر غير مطلع على كتا ب خاله في الموضوع نفسه وهو شيخ متكلمي الشيعة في بغداد في وقته وإذا اطلع عليه وكان مخالفا له فمن البعيد ان لا يذكر رأيه.

ما ذكره الشيخ الصدوق:

وقد أشار إلى هذه الحقيقة ايضا الشيخ الصدوق في كتابه اكمال الدين ص 45، قال: كل من سألنا من المخالفين عن القائم (عليه السلام)، لم يخل من ان يكون قائلاً بامامة الائمة الاحد عشر من آبائه (عليهم السلام) او غير قائل بامامتهم.

فان كان قائلا بامامتهم لزمه القول بامامة الامام الثاني عشر لنصوص آبائه الائمة (عليهم السلام) عليه باسمه ونسبه واجماع شيعتهم على القول بامامته وانه القائم الذي يظهر بعد غيبة طويلة فيملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً.

ما ذكره الذهبي:

مضافا الى ذلك فقد نص على حقيقة: (ان المعتقدين بالمهدي بن الحسن العسكري هم جمهور أصحاب الأمام الحسن العسكري وليس شرذمة) الذهبي في كتابه (سير اعلام النبلاء) وابن حزم الأندلسي في كتابه (الفصل) والأشعري السني في كتابه مقالات الإسلاميين.

قال الذهبي (ت748) في سير أعلام النبلاء ج 13 /119 - 122 نقل أبو محمد بن حزم أن الحسن (بن علي بن محمد) مات عن غير عقب. قال وثبت جمهور الرافضة على أن للحسن ابنا أخفاه.

ما ذكره ابن حزم ت 548 هجرية:

وقال ابن حزم (484-548هجرية) في كتابه (الفصل في الملل) ج4/77 (وقالت الروافض الإمامة في علي وحده بالنص عليه ثم في الحسن ثم في الحسين وادعوا نصا آخر من النبي (صلى الله عليه وآله) عليهما بعد أبيهما ثم علي ابن الحسين لقول الله عز وجل (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله). قالوا فولد الحسين أحق من أخيه ثم محمدبن علي بن الحسين ثم جعفر بن علي ابن الحسين. وهذا مذهب جميع متكلميهم كهشام بن الحكم وهشام الجواليقي وداود الحواري وداود الرقي وعلي بن منصور وعلي بن هيثم وأبي علي السكاك تلميذ هشام بن الحكم ومحمد بن جعفر بن النعمان شيطان الطاق وأبي ملك الحضرمي وغيرهم.

ثم افترقت الرافضة بعد موت هؤلاء المذكورين وموت جعفر بن محمد فقالت طائفة بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر. وقالت طائفة بإمامة ابنه محمد بن جعفر وهم قليلوقالت طائفة جعفر حي لم يمت. وقال جمهور الرافضة بإمامة ابنه موسى بن جعفر ثم علي ابن موسى ثم محمد بن علي بن موسى ثم علي بن محمد بن موسى ثم الحسن بن علي. ثم مات الحسن غير معقب فافترقوا فرقا وثبت جمهورهم على أنه ولد للحسن بن علي ولد فأخفاه وقيل بل ولد له بعد موته من جارية له اسمها صقيل وهو الأشهر وقال بعضهم بل من جارية له اسمها نرجس وقال بعضهم من جارية له اسمها سوسن).

وقال في ج4/138 (وقالت القطعية من الامامية الرافضة كلهم وهم جمهور الشيعة ومنهم المتكلمون والنظارون والعدد العظيم بان محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب حي لم يمت ولا يموت حتى يخرج فيملأالأرض عدلا كما ملئت جورا وهو عندهم المهدي المنتظر، وبقول طائفة منهم ان مولد هذا الذي لم يخلق قط في سنة ستين ومائتين سنة موت ابيه وقالت طائفة منهم بل بعد موت ابيه بمدة وقالت طائفة منهم بل في حياة ابيه... وكل هذا هوس ولم يعقب الحسن المذكور ذكراً ولا انثى فهذا اول نُوك(7) الشيعة ومفتاح عظيماتهم واخفها وان كانت مهلكة(8)).

أقول: ذكر السيد هبة الدين الشهرستاني في مقدمة كتاب فرق الشيعة للنوبختي ان نسخة من فرق الشيعة للنوبختي كانت عند ابن حزم(9) وهو قرينة ثالثة على ان النسخة المتداولة من كتاب فرق الشيعة محرفة في هذا الموضع.

ما ذكره الأشعري السني في كتابه المؤلَّف سنة 297 هجرية:

أقول: وهناك من هو أقدم من ابن حزم ممن قرر حقيقة ان جمهور اصحاب الحسن العسكري كانوا يؤمنون بان الحسن العسكري له ولد هو الامام الثاني عشر وهو المهدي المنتظر، وهو مصدر مهم جدا لاينبغي لباحث أن يغفله وهو كتاب (مقالات الإسلاميين) لابي الحسن الأشعري السني (ت 324 هجرية) وقد انتهى من تأليفه سنة 297 هجرية (أي بعد خمس وثلاثين سنة من وفاة الحسن العسكري).

قال أبو الحسن الأشعري السني (فالفرقة الاولى منهم وهم القطعية وانما سموا قطعية لانهم قطعوا على موت موسى بن جعفر بن محمد بن علي وهم جمهور الشيعة يزعمون ان النبي نص على امامة على بن أبي طالب واستخلفه بعده بعينه واسمه وان عليا نص على امامة ابنه الحسن بن على وان الحسن بن على نص على امامة اخيه الحسين بن على وان الحسين بن على نص على امامة ابنه على بن الحسين وان على بن الحسين نص على امامة ابنه محمد بن على وان محمد بن على نص على امامة ابنه جعفر بن محمد وان جعفر بن محمد نص على امامة ابنه موسى بن جعفر وان موسى بن جعفر نص على امامة ابنه على بن موسى وان على بن موسى نص على امامة ابنه محمد بن على بن موسى وان محمد بن على بن موسى نص على امامة ابنه الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى وهو الذي كان بسامرا وان الحسن بن على نص على امامة ابنه محمد بن الحسن بن على وهو الغائب المنتظر عندهم الذي يدعون انه يظهر فيملأ الارض عدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا).

ويتضح من ذلك كله في ضوء المصادر الشيعية والسنية القديمة: ان جمهور اصحاب الحسن العسكري وثُقاته وهم جمهور الشيعة آنذاك كانوا يقولون بالولد وكون ابيه الحسن (عليه السلام) قد نص على إمامته وانه المهدي الموعود طوال الغيبة الصغرى (أي القرن الثالث الهجري والربع الأول من القرن الرابع الهجري).

القضية الثانية: قضية الحيرة في بدء الغيبة الكبرى

مما لا شك فيه ان قسما كبيرا من الشيعة عاشوا حيرة شاملة حين بلغهم خبرانقطاع النيابة الخاصة بعد وفاة النائب الرابع، حيث لا يوجد مرجع معين من الإمام المهدي (عليه السلام) ينهض بأمورهم، مع كثرة الشبهات التي أثارها الزيدية والمعتزلة وغيرهم، وتصدى علماء الشيعة في تلك الفترة لرفع الحيرة التي نشأت بسبب ذلك وكتبوا كتبا خالدة منها: -

- كتاب (الغيبة) لمحمد بن ابراهيم النعماني (ألفه بين سنة 333 هجرية وسنة 342هجرية).

- و (الإمامة والتبصرة من الحيرة) لعلي بن بابويه (ت 329)

- و (إكمال الدين و إ تمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة) لمحمد بن علي بن بابويه (ت 386).

- و (الغيبة) للشيخ الطوسي (ت 460).

- وغيرها.

قال علي بن بابويه في الامامة والتبصرة ص 9: (رأيت كثيرا ممن صح عقده، وثبتت على دين الله وطأته، وظهرت في الله خشيته، قد أحادته الغيبة، وطال عليه الامد حتى دخلته الوحشة،... فجمعت أخبارا تكشف الحيرة...)

وقال النعماني في كتاب الغيبة ص 20: (أما بعد فإنا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيع المنتمية إلى نبيها محمد وآله صلى الله عليهم - ممن يقول بالامامة التي جعلها الله برحمته دين الحق ولسان الصدق وزينا لمن دخل فيها ونجاة وجمالا لمن كان من أهلها وفاز بذمتها وتمسك بعقدتها ووفى لها بشروطها من المواظبة على الصلوات وإيتاء الزكوات والمسابقة إلى الخيرات، واجتناب الفواحش والمنكرات، والتنزه عن سائر المحظورات، ومراقبة الله تقدس ذكره في الملا والخلوات، وتشغل القلوب وإتعاب الانفس والابدان في حيازة القربات - قد تفرقت كلمها، وتشعبت مذاهبها، واستهانت بفرائض الله عز وجل، وحنت إلى محارم الله تعالى، فطار بعضها علوا، وانخفض بعضها تقصيرا، وشكوا جميعا إلا القليل في إمام زمانهم وولى أمرهم وحجة ربهم... للمحنة الواقعة بهذه الغيبة التي سبق من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكرها، وتقدم من أمير المؤمنين (عليه السلام) خبرها، ونطق في المأثور من خطبه والمروي عنه من كلامه وحديثه بالتحذير من فتنتها، وحمل أهل العلم والرواية عن الائمة من ولده: واحدا بعد واحد أخبارها حتى ما منهم أحد إلا وقد قدم القول فيها،... ووجدنا الرواية قد أتت عن الصادقين (عليهم السلام) بما أمروا به من وهب الله عزوجل له حظا من العلم وأوصله منه إلى ما لم يوصل إليه غيره من تبيين ما اشتبه على إخوانهم في الدين، وإرشادهم في الحيرة إلى سواء السبيل، وإخراجهم عن منزلة الشك إلى نور اليقين. فقصدت القربة إلى الله عزوجل بذكر ما جاء عن الائمة الصادقين الطاهرين (عليهم السلام) من لدن أمير المؤمنين (عليه السلام)إلى آخر من روي عنه منهم في هذه الغيبة التي عمى عن حقيتها ونورها من أبعده الله عن العلم بها والهداية إلى ما اوتي عنهم (عليهم السلام) فيها ما يصحح لاهل الحق حقيقة ما رووه ودانوا به، وتؤكد حجتهم بوقوعها وبصدق ما آذنوا به منها.

وإذا تأمل من وهب الله تعالى له حسن الصورة وفتح مسامع قلبه، ومنحه جودة القريحة وأتحفه بالفهم وصحة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين صلوات الله عليهم على قديم الايام وحديثها من الروايات المتصلة فيها... عَلِمَ أن هذه الغيبة لو لم تكنولم تحدث مع ذلك ومع ما روي على مر الدهور فيها لكان مذهب الامامة باطلا (10) لكن الله تبارك وتعالى صدَّق إنذار الائمة (عليهم السلام) بها، وصحح قولهم فيها في عصر بعد عصر).

وقال محمد بن علي بن بابويه في كتابه (إكمال الدين و إ تمام النعمة في إثبات الغيبة وكشف الحيرة) ص 2: إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أنى لما قضيت وطري من زيارة علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه رجعت إلى نيسابور وأقمت بها، فوجدت أكثر المختلفين إلىَّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم (عليه السلام) الشبهة، وعدلوا عن طريق التسليم إلى الاراء والمقائيس، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلى الحق وردهم إلى الصواب بالاخبار الواردة في ذلك عن النبي والائمة صلوات الله عليهم، حتى ورد إلينا من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة ببلد قم، طال ما تمنيت لقاءه و اشتقت إلى مشاهدته لدينه وسديد رأيه واستقامة طريقته، وهو الشيخ نجم الدين أبوسعيد محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن على بن الصلت القمي... فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاما في القائم (عليه السلام) قد حيره وشككه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره، فذكرت له فصولا في إثبات كونه (عليه السلام) ورويت له أخبارا في غيبته عن النبي و الائمة (عليهم السلام) سكنت إليها نفسه، وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشك والارتياب والشبهة، وتلقى ما سمعه من الاثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسألني أن أصنف (له) في هذا المعنى كتابا، فأجبته إلى ملتمسه ووعدته جمع ما ابتغى إذا سهل الله لي العود إلى مستقري ووطني بالري.

فبينا أنا ذات ليلة أفكر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت كأني بمكة أطوف حول بيت الله الحرام وأنا في الشوط السابع عند الحجر الاسود أستلمه وأقبله، وأقول " أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة " فأرى مولانا القائم صاحب الزمان - صلوات الله عليه - واقفا بباب الكعبة، فأدنو منه على شغل قلب وتقسم فكر، فعلم (عليه السلام) ما في نفسي بتفرسه في وجهي، فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم قال لي لم لا تصنف كتابا في الغيبة حتى تكفي ما قد همك؟ فقلت له يا ابن رسول الله قد صنفت في الغيبة أشياء، فقال (عليه السلام) ليس على ذلك السبيل آمرك أن تصنف الان كتابا في الغيبة واذكر فيه غيبات الانبياء (عليهم السلام). ثم مضى صلوات الله عليه.

فانتبهت فزعا إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى إلى وقت طلوع الفجر، فلما أصبحت ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلا لامر ولي الله وحجته، مستعينا بالله ومتوكلا عليه ومستغفرا من التقصير، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب).

أقول:

أن السر في هذه الحيرة هو انقضاء الجيل الذي شاهد الإمام (عليه السلام) وتعامل معه حسيا ونشر أخباره بين الشيعة بشكل خاص، وكون الغيبة ظاهرة جديدة لم يسبق لها مثيل في المجتمع الإسلامي مع وجود شبهات وتساؤلات من الخصوم.

وقد وفق العلماء المذكورون ونظراؤهم رحمهم الله جميعا في الإجابة على كل شبهة اثيرت حول الغيبة وما يرتبط بها حتى عادت الغيبة لدى الشيعة بمنزلة المشاهدة وصارت دليلا آخر على صدق إمامة أهل البيت (عليهم السلام) وآية من آياتهم كما أشار النعماني الى ذلك.

وفي ضوء ما بيناه يتضح:

ان قول الاستاذ الكاتب: "اذا استثنينا شرذمة قليلة، ان اجماع الشيعة في القرن الثالث والقرن الرابع كان قائماً على عدم الايمان بوجود (محمد بن الحسن العسكري) وقد ذكر ذلك عامة مؤرخي الشيعة كالنوبختي والاشعري والكليني والنعماني والصدوق والمفيد والطوسي، الذي اطلقوا على ذلك العصر اسم (عصر الحيرة). (234-235) "

لم يكن قد تحرّى فيه الامانة والدقة العلمية، ولا استوعب المصادر الأساسية في مثل هذه القضية الخطيرة.

الفصل الثاني: الإمامة بعد الحسن والحسين (عليهما السلام) لا تكون في أخوين

قوله: وكان الدافع الرئيسي لهذا القول (أي ان للحسن العسكري ولد) هو التمسك بقانون (الوراثة العمودية) و(عدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين) وبالرغم من أنه (أي القانون المذكور) كان قولا ضعيفا ولم يجمع الشيعة الإمامية عليه في ذلك الوقت خلافا لما ادعى الطوسي بعد ذلك بمأتي عام.

أقول: ان قانون الوراثة العمودية وعدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين مما اتفق عليه جمهورالشيعة الإمامية بعد الامام الصادق (عليه السلام) في القرن الثاني والثالث وقد نقل هذه الحقيقة النوبختيان الخال وابن اخته والأشعري القمي في كتبهم قبل الشيخ الطوسي بأكثرمن مأة عام، هذا مضافاً الى الروايات الصحيحة الواردة بذلك.

نص الشبهة

قال: أن القول بـ (عدم جواز انتقال الإمامة الى أخوين بعد الحسن والحسين ووجوب استمرارها في الاعقاب) قول ضعيف ولم يجمع الشيعة الإمامية عليه في ذلك الوقت خلافا لما ادعى الطوسي بعد ذلك بمأتي عام. (ص189).

الرد على الشبهة

أقول: بل هو قول جمهور الشيعة الإمامية والمشهور بل المتواتر بينهم قبل ولادة المهدي (عليه السلام) كما نقله اسماعيل بن علي النوبختي في كتابه (التنبيه في الإمامة) وابن أخته الحسن بن موسى النوبختي في كتابه فرق الشيعة والاشعري القمي في كتابه المقالات والفرق على فرض تعدد الكتابين المتداولين.

قول أبي سهل النوبختي:

قال اسماعيل بن علي النوبختي في كتاب التنبيه:

(وعلمنا بالاخبار المتواترة عن الائمة الصادقين (عليهم السلام) ان الامامة لا تكون بعد كونها في الحسن والحسين (عليه السلام) الا في ولد الامام ولا يكون في اخ ولا قرابة).(11)

قول الاشعري القمي:

وقال الاشعري القمي في المقالات والفرق:

(ففرقة منها وهي المعروفة بالامامية قالت لله في ارضه بعد مضي الحسن بن علي حجة على عباده وخليفة في بلاده، قائم بامره من ولد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا،... على المنهاج الاول والسنن الماضية من الائمة الجارية، فيمن مضى منهم القائمة فيمن بقى منهم، الى ان تقوم الساعة من وتيرة الاعقاب، ونظام الولادة، ولا ينتقل ولا يزول عن حالها، ولا يكون الامامة ولا يعود في اخوين بعد الحسن والحسين، ولا يجوز ذلك ولا يكون الا في عقب الحسن بن علي بن محمد الى فناء الخلق وانقطاع امر الله ونهيه ورفعه التكليف عن عباده، متصل ذلك ما اتصلت امور الله، ولو كان في الارض رجلان كان احدهما الحجة، ولو مات احدهما لكان الباقي منهما الحجة، ما اتصل امر الله ودام نهيه في عباده، وما كان تكليفه قائماً في خلقه،

و لا يجوز ان تكون الامامة في عقب من يموت في حياة ابيه، ولا في وصىّ له من اخ ولا غيره، اذا لم تثبت للميت في حياه ابيه في نفسه امامةولم يلزم العباد به حجة...

وذلك ان المأثور عن الائمة الصادقين مما لا دفع بين هذه العصابة من الشيعة الامامية، ولا شك فيه عندهم ولا ارتياب، ولم يزل اجماعهم عليه لصحة مخرج الاخبار المروية فيه وقوة اسبابها، وجودة اسانيدها وثقة ناقليها).(12)

قول علي بن الحسن النوبختي:

وقال علي بن الحسن النوبختي في فرق الشيعة:

(قالت الفرقة الثانية عشرة وهم (الامامية) ليس القول كما قال هؤلاء كلهم بل لله عز وجل في الارض حجة من ولد الحسن بن علي وامر الله بالغ وهو وصي لأبيه على المنهاج الاول والسنن الماضية ولا تكون الامامة في اخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام). ولا يجوز ذلك ولا تكون الا في عقب الحسن بن علي الى ان ينقضي الخلق متصلا ذلك ما اتصلت امور الله تعالى. ولو كان في الارض رجلان لكان احدهما الحجة ولو مات احدهما لكان الآخر الحجة ما دام امر الله ونهيه قائمين في خلقه. ولا يجوز ان تكون الامامة في عقب من لم تثبت له امامة ولم تلزم العباد به حجة ممن مات في حياة ابيه ولا في ولده...

وهذا الذي ذكرناه هو المأثور عن الصادقين الذي لا تدافع له بين هذه العصابة ولا شك فيه لصحة مخرجه وقوة اسبابه وجودة اسناده.(13)

وفي ضوء ذلك فان الشيخ الطوسي كان قوله مؤكدا لما نقله النوبختي والأشعري القمي وليس مؤسسا).

نموذج من الروايات:

أما الأخبار في ذلك فكثيرة نذكر منها ما رواه الكليني في الكافي بأسانيد صحيحة.

عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال لا تعود الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبدا، إنما جرت في علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى "واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" فلا تكون بعد علي بن الحسين (عليه السلام) إلا في الاعقاب وأعقاب الاعقاب.(14)

وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن ابي نجران، عن سليمان بن جفعر الجعفري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لا تجتمع الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنما هي في الأعقاب وأعقاب الاعقاب.(15)

وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه سئل أتكون الامامة في عم أو خال؟ فقال لا، فقلت ففي أخ؟ قال لا، قلت ففي من؟ قال في ولدي، وهو يومئذ لا ولد له.(16)

 

 

 

الهوامش


(1) المقالات والفرق للاشعري القمي: 101-115.

(2) ومع ان الحق لا يقاس بالكثرة العددية الا إن الكثرة هنا لها حساب خاص عليناان نوليه أهميةونتحقق منه.

(3) ثم ذكرالشيخ المفيد تلك الفرق وما نسب اليهامن قول وناقشه ثم عقب عليه بقوله: (وليس من هؤلاء الفرق التي ذكرناها فرقة موجودة في زماننا هذه وهو سنة ثلاث وسبعبن وثلاثمائة الا الإمامية الإثنا عشرية القائلة بإمامة ابن الحسن المسمى باسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القاطعة على حياته وبقائه الى وقت قيامه بالسيف حسبما شرحناه فما تقدم عنهم وهم أكثر فرق الشيعة عددا وعلماء ومتكلمون ونظار وصالحون وعباد ومتفقهة وأصحاب حديث وأدباء وشعراء، وهم وجه الإمامية ورؤساء جماعتهم والمعتمد عليهم في الديانة ومن سواهم منقرضون ولا يعلم أحد من جملة الاربع عشرة فرقة التي قدمنا ذكرها ظاهرا بمقالة ولا موجودا على هذا الوصف من ديانته وإنما الحاصل منهم حكاية عمن سلف وأراجيف بوجود قوم منهم لا تثبت).

(4) نبهنا الى وقوع التحريف في نسخة فرق الشيعة بالمقارنة بين نصها ونص الشيخ المفيد عن النوبختي أخونا الحجة الشيخ عبد الله الدشتي جزاه الله خير الجزاء.

(5) كان وجها من وجوه علماء الشيعة سنة305 وحضر وفاة السفيرالثاني ووصيته الى الحسين بن روح، وكان يترقب قسم من الشيعة ان يكون هو النائب بعد وفاة السفير الثاني لوجاهته وشدة اتصاله واختصاصه به وستأتي جملة أخرى من ترجمته.

(6) أنظر إكمال الدين للشيخ الصدوق ص 93.

(7) النُّوك بالضم الحُمق، والأنْوك: الأحمق.

(8) اقول: لئن لم يثق ابن حزم ونظراؤه بنقل جمهور الشيعة ان امامهم الحسن العسكري قد ولد له ولد نص عليه بالامامة. فقد وثق بقولهم آخرون من علماء السنة وأثبتوا أن للحسن العسكري خَلَف سماه محمدا ولقبه المهدي ومن هؤلاء: سبط بن الجوزي الحنبلي ت645 في كتابه تذكرة الخواص / 363، ومحمد بن طلحة الشافعي ت 652 في مطالب السؤول 2/ 79 وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة /287 وابن طولون ت953 في كتابه الأئمة الإثني عشر وغيرهم وقد عد المرجع المعاصر الشيخ الصافي في كتابه منتخب الأثر خمسا وستين عالما من علماء السنة ممن ذكر ذلك (انظر هامش ص 322فما بعدها).

(9) فرق الشيعة للنوبختي، مقدمة السيد هبة الدين الشهرستاني / زي.

(10) مراده ان خبر الغيبة متواتر عن الأئمة (عليهم السلام) فإذا لم تقع فإن معنى ذلك تخلف الأخبار عن الواقع وبالتالي يؤدي الى هدم التصديق المطلق بالأخبار الثابتة عن الأئمة (عليهم السلام).

(11) إكمال الدين للصدوق /92.

(12) المقالات والفرق /103.

(13) فرق الشيعة /111، أوردناه إلى جنب كتاب المقالات والفرق على فرض تعددهما.

(14) الكافي ج 1 ص 285.

(15) الكافي ج 1 ص 286.

(16) الكافي ج 1 ص 286.