المجموعة الأولى 1-20
المجموعة الثانية 21-40
المجموعة الثالثة 41-60
المجموعة الرابعة 61-80
المجموعة الخامسة 81-100
المجموعة السادسة 101-120
أرسل كتاباً
الصفحة الرئيسية للموقع
 
 

سؤال10:

ما ذا يعني التواتر والإجماع؟ وهل يوجد اجماع أو تواتر حول ولادة الامام الثاني عشر مع القول ان ذلك تم سرا وخفية واختلاف شيعة الامام الحسن العسكري حول ذلك الى أربع عشرة فرقة فضلا عن رفض بقية فرق الشيعة التي جاوزت السبعين وبقية الفرق الإسلامية التي لا تؤمن بولادته في القرن الثالث الهجري؟

جوابه:

التواتر هو إخبار جماعة كثيرين يمتنع تؤاطؤهم عن الكذب.

وولادة المهدي (عليه السلام) سرا لا تمنع من حصول خبر التواتر على ولادته لان المطلوب هو نقل خبر أبيه على وجوده و لا يشترط رؤيته بشخصه هذا مع ان عددا لابأس به من اصحاب الحسن العسكري قد رآه.

واختلاف شيعة الحسن بعد وفاة الحسن لايضر في امر التواتر إذا عرفنا ان جمهور أصحاب الحسن العسكري قد نقلوا عنه انه قال له ولد وهو المهدي الموعودوانه سيغيبه الله غيبة طويلة ثم يظهره في آخر الزمان ليحقق على يده وعده الذي وعده لأنبيائه، وقد نصت المصادر المعتبرة ان جمهور أصحاب الحسن نقلوا القول بوجود الولد ووصية ابيه له كما مر في البحوث السابقة كما ذكرت المصادر الحديثية الشيعية أخبار الأئمة السابقين بأن المهدي الموعود هو الخامس من ولد السابع.

وإنكار بقية فرق الشيعة كالزيدية وبقية الفرق الإسلامية السنية وجود ولد للحسن العسكري لا يضر بهذا التواتر، لان المطلوب في هذا التواتر هو نقل جمهور شيعة

الحسن العكسري عن الحسن خبر ولده الذي كتمه عن عامة الناس الا عن شيعته.

سؤال11:

هل صحيح ان الشيعة في القرون السابقة قبل اقامة الجمهورية الإسلامية في ايران، كانوا يحرمون اقامة الدولة وتطبيق الشريعة الإسلامية في عصر (غيبة الامام المهدي) ولا يزال بعض العلماء يحرم اقامة صلاة الجمعة الا بعد ظهور الامام؟

جوابه:

اقول:

يعتقد الشيعة في مسألة الحكم انه للنبي (صلى الله عليه وآله) ومن بعده للأئمة الإثني عشر (عليهم السلام)ولم يتراجع عن هذا القول أحد إلا أن يتراجع عن أصل التشيع.

أما في عصر الغيبة الكبرى فإن علماء الشيعة كانوا بين اتجاهين اتجاه يقول بتعطيل الحدود بعذر إن أمر إقامتها خاص بالمعصومين فقط، واتجاه يقول بجواز قيامها من قبل الفقهاء مع القدرة والمسألة مسألة علمية ولا ربط لها بمسألة الإعتقاد بالمهدي وغيبته فكلا الفريقين مشتركان في المعتقد بالمهدي وغيبته وانتظار ظهوره.

سؤال12:

لماذا لا يخرج الامام المهدي الغائب، إذا كان موجودا، وقد امتلأت الدنيا ظلما وجورا وأصبح المسلمون فريسة للطغاة والمستبدين الذين أهلكوا الحرث والنسل؟ وإذاكان الامام المهدي موجودا فلماذا لا يستفيد من التكنولوجيا المعاصرة ويستخدم المحطات التلفزيونية الفضائية وشبكة الإنترنت للاتصال بالمؤمنين والإجابة على أسئلتهم وتوجيهم وقيادتهم استعدادا ليوم الظهور؟

جوابه:

إن غيبة المهدي تعني تعطله عن ممارسة النشاطات المذكورة بالسؤال وقد تعطل بأمر الله تعالى وليس بتقدير و تصرف شخصي منه، وكذلك يكون ظهوره ومعاودة نشاطه الفكري والسياسي حين يأذن الله له بذلك. والله تعالى أعرف بالزمن الصالح لظهوره (وَمَا كَانَ لِرَسُول أَنْ يَأْتِىَ بآيَة إِلاَّ بِإِذْنِ الله فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ الله قُضِىَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ) غافر/78. ان الله تعالى سوف يظهره في زمان وظرف يكون فيه التشيع الإثني عشري قد استنفد كل اغراضه في إقامة الحجة على البشرية اجمع مع اقتران ذلك باستضعاف الحق وأهله، وذلك لان لهدف من ظهوره هو رفع الإستضعاف عن الحق وأهله وإقامة دولة النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) العالمية.

سؤال13:

ما هو الضير في عقد ندوة علمية لبحث موضوع ولادة المهدي ودعوة أحمد الكاتب ومناقشته أمام الملأ وفي الإذاعة والتلفزيون؟ خاصة وانه يقول انه مستعد لتغيير رأيه لو قدم له أحد أدلة تاريخية علمية على ولادة الامام (محمد بن الحسن العسكري)؟

جوابه:

السؤال الذي ينبغي ان يسأل هو هل هناك ضرورة تستوجب عقد مثل هذه الندوة مع أحمد الكاتب؟ الجوا ب لا توجد هناك اية ضرورة، لان أحمد الكاتب ليس هو أول من أنكر ولادة المهدي ولا آخر من سينكره في المستقبل وليس هو أول من انكر دلالة حديث الغدير على إمامة علي ولا أول من انكر عصمة الأئمة أو أثار شبهات حول تحديد الأئمة بإثني عشر، بل هو واحد من آلاف وملايين فإذا كان كل واحد من هؤلاء بحاحة أن تعقد معه ندوة فإنه لايبقى وقت لاي عمل آخرنعم الإستعداد للحوار ينبغي ان يبقى مفتوحا لاستقبال أي شبهة او سؤال حول هذا الموضوع او أي موضوع آخر هذا مضافاً الى ان عقد ندوة بل ندوات لاجل عرض ادلة الشيعة على وجود وامامة المهدي (عليه السلام) واستقبال أي سؤال حولها لا مانع منه.(1)

ثم اننا لسنا حريصين على ان يغير أحمد الكاتب ولا أي شخص آخر رأيه إذ هي مسألة تخص الشخص نفسه.

(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر) الغاشية/21-22

(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ الله يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) البقرة/272،

نعم نحن حريصون ان لا تبقى شبهاته وإثاراته وأسئلته وأسئلة غيره من دون جواب، ومن الجدير ذكره ان هذه الشبهات ليست جديدة وبامكان أي شخص يرجع الى ما كتبه الشيخ الصدوق (ت381) في مقدمة كتابه (اكمال الدين) قبل الف سنة ليكتشف ان جل أسئلة الكاتب وشبهاته قد اثيرت منذ ذلك الوقت وأجاب عليها علماؤنا، وإذا قرأها احمد الكاتب ولم يقتنع بها ليس معناه ان هذه الاجوبة غير صحيحة إذ ما أكثر من لم يقتنع بأدلة الأنبياء بل ما أكثر من لم يقتنع بوجود الله الذي اتفق على وجوده المسلمون والمسيحيون واليهود وكثير ممن لم يؤمن بالأنبياء.

صحيح ان احمد الكاتب كان شيعيا اثني عشريا ثم تخلى عن التشيع الإثني عشري وصار سنيا في مفهومه للتشيع وفي موقفه منه وكتب ما توصل اليه ونشره وأخذ يدعو إلى أفكاره وفي المقابل كان هناك العشرات من السنة وصاروا شيعة وكتبوا ما توصلوا اليه وأخذوا يدعون الناس الى التشيع انها عملية قائمة على قدم ساق وتبقى كذلك الى ما شاء الله وليس لنا ان نقف في قبالها فقد خلق الله تعالى البشر أحرارا فيالفكر وكل إنسان مسؤول عن فكره ومواقفه.

سؤال14:

ما هو أثر الايمان بالمهدي على العلاقة بين السنة والشيعة؟ وهل ذلك يوحد المسلمين؟ أم يفرق بينهم؟

جوابه:

الإيمان بإمامة المهدي على التصور الشيعي فرع للإيمان بالإمامة الإلهية الخاصة لأهل البيت (عليهم السلام) القائمة على النص والعصمة والتحديد بإثني عشر، وأدلة الشيعة في هذه القضية الكتاب والسنة وهم يرحبون بأي حوار حول المسالة يستهدف معرفة واقع القضية وهم الى جنب ذلك لا يكفِّرون أحدا من أهل القبلة ويرون المسلم من شهد الشهادتين فإذا قالهما عصم ماله ودمه، فالمسلمون إذن في أمان من الشيعة بل هم أمة واحدة عندهم ماداموا في دائرة الشهادتين، إن الحيف تاريخيا والى اليوم واقع على الشيعة حين يكفرهم البعض بسبب عقيدتهم التي تقوم على الكتاب والسنة. ولست أدري هل الذي يفِّرق المسلمين هو من يكفِّرهم ويبيح قتلهم ومالهم او من يرى ان المسلم من شهد الشهادتين فإذا قالها عصم ماله ودمه؟

الفصل السابع: الرسائل المتبادلة بين المؤلف وأحمد الكاتب

الرسالة الأولى

رسالة أحمد الكاتب بعد صدور الحلقة الثالثة من شبهات وردود ومقابلة قناة الجزيرة:

السيد سامي البدري المحترم، السلام عليكم ورحمة الله

قلتَ في الحلقة الثالثة انك سوف تجيب على القضايا الرئيسية التي لم تجب عليها في الحلقات الماضية، وظللت تدور في القضايا الهامشية من الموضوع، ولكنك لم تفعل بعد، حيث لم تناقش موضوع ولادة الامام الثاني عشر ووجوده وتهربت من الموضوع كما لم تناقش موضوع الامامة.

ارجو منك الاجابة على سؤال لماذا تخلى الشيعة اليوم عن شروط الامامة من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية وقبلوا بشروط الزيدية كالفقه والعدالة وقيام الامامة على الانتخاب والشورى، كما هو حاصل اليوم في ايران (الجمهورية الإسلامية) وكما اعرف انك تفرق بين الامامة والخلافة وتحاول ان تفسر الامامة بمعنى يختلف عن الحكم والخلافة، فهل ستقوم في المستقبل بمناقشة الكتاب (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه)

وارجو منك ان لا تغتر بالمديح الذي كاله لك بعض المشايخ الذين لا يقرأون.

واعتقد انك قرأت رسالة وزير الثقافة والارشاد الايراني الى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي والحوزة بصورة عامة والتي نشرت في الصحافة الايرانية قبل اسبوع حول ضرورة الرد على الكتاب، فهل قرأ الوزير نشراتك الثلاث ام لم يجد فيها شيئا جديا وغنيا.

والسلام عليكم

احمد الكاتب 9-10-1999

اقول:

وأَرفَقَ رسالته الآنفة الذكر بنسخة من المقابلة التي اجرتها معه جريدة القدس العربي التي تصدر في لندن بعد مقابلته في برنامج بلا حدود نقتطع منه ما يرتبط بنا شخصيا.

القدس العربي: (لا شك ان بحثك هذا ينطوي على أهمية قصوى وخطورة كبيرة في نفس الوقت، فهل طرحته للنقاش مع علماء الشيعة؟ وما هو موقفهم منك؟)

احمد الكاتب: أجريت البحث داخل الحوزة في إيران منذ عشرة أعوام وطرحته للنقاش مع عدد كبير من مراجع الدين والأساتذة والزملاء الأفاضل، وقد فوجئت بتوصل قسم كبير منهم الى النتائج التي توصلت اليها (وان بعضهم كالشيخ ناصر مكارم شيرازي في كتابه المهدي الثورة الكبرى) يرفض أهم دليل على وجوده وهو الدليل الفلسفي، ولكنهم لا يرون الوقت مناسبا لطرح الموضوع على عامة الناس، كما فوجيء الكثير من العلماء بنتائج البحث، وذلك لعدم وجود مادة للتاريخ الإسلامي او الشيعي في برامج الحوزة العلمية التي تقتصر على الفقه والأصول واللغة العربية والفلسفة واعتياد الغالبية العظمى من طلبة العلوم الدينية على التقليد في مجالات العقائد والتاريخ، وقد وجهت قبل بضع سنوات دعوة الى أساتذة الحوزة العلمية في النجف وقم لعقد ندوة علمية لدراسة الموضوع، أعلنت لهم قبل ان انشر البحث عن استعدادي للتراجع عن الموضوع والتصديق بوجود الامام المهدي لو قدموا لي أدلة علمية كافية،

ولكن الجو السائد في الحوزة فيما يبدو يميل الى عدم البحث والاجتهاد في هذه القضية ورفض مناقشتها بدعوى انها من العقائد الأساسية، وقد عبر السيد سامي البدري(2) من حوزة قم خلال برنامج (بلا حدود) الذي أذيع من قناة الجزيرة الفضائية بتاريخ 4/8/1999 عن هذا الموقف بصراحة، وقد أثار استغرابي لأنه يتناقض مع إجماع الشيعة عبر التاريخ على ضرورة الإيمان والالتزام بالعقائد الأساسية عن معرفة واجتهاد ويقين وعدم جواز التقليد، فكيف يجوز لمن يدعي العلم التقليد ومنع الآخرين من الاجتهاد(3)؟

جوابنا على رسالته الأولى

الى الأستاذ أحمد الكاتب هدانا الله وإياه لما يحبه ويرضاه:

السلام عليكم ورحمة الله.

أشكرك على رسالتك وسؤالك، كما اشكرك أيضا على إرسالك لي مقابلتك المنشورة في جريدة القدس العربي - لندن/ العدد 3205 الجمعة 27 آب - 15 جمادى الاولى 1420. أعتذر عن تأخير الإجابة بسبب سفري.

1. اعترضتَ في رسالتك الأسبق (وهي التي جعلتها مادة العدد الثاني عشر من نشرتك الشورى) على منهجي معك في الرد وانصرافي إلى مناقشتك في الجزئيات ثم دعوتني في مقدمة الرسالة الى مواصلة البحث العلمي في الاصول قبل الفروع الجزئية. وقلتَ ان منهجنا هو التمسك بالكتاب والسنة والسير على هدي أهل البيت. وقد رحبتُ بعرضك وكتبتُ اليك جوابا نشرته في الحلقة الثالثة 14رجب 1418هج.

وقلتُ في جوابي لك (فما رأيك ان نبدأ ببحث مسألة هل يوجد شهداء بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) شهادتهم على الناس كشهادة الرسول وانهم ائمة هدى يؤخذ بقولهم وفعلهم وتقريرهم كما يؤخذ بقول الرسول وفعله وتقريره وان الناس ملزمون بالأخذ عنهم والاقتداء بهم والطاعة لهم وانهم موكلون الهيا بحفظ الرسالة بعد الرسول.؟ نبدأ اولا بذكر الايات القرآنية الكريمة ثم احاديث النبي (صلى الله عليه وآله) ثم احاديث اهل البيت (عليهم السلام). ارجو اعلامي ان كنت توافقني على ذلك. ومن المفيد قبل ذلك ان تبين المصادر الحديثية المعتمدة لديك).

ولم يصلني منك جواب خاص أو عام وقد مضى على ذلك سنتان.

2. سألتني في رسالتك بعد صدور الحلقة الثالثة من ردي عليك بمدة بواسطة الأنترنيت لماذا تخلى الشيعة اليوم عن شروط الإمامة من العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية وقبلوا بشروط الزيدية كالفقه والعدالة وقيام الإمامة على الإنتخاب والشورى؟

أقول مصطلح الإمامة استخدم بمعنيين:

المعنى الاول: معنى خاص ويراد به ان صاحبه حجة في قوله وفعله وتقريره حيا وميتا، وليس من شك أن أول أئمة بهذا المعنى هو النبي، ويرى الشيعة ان هذا المعنى للأمامة استمر بعد النبي في إثني عشر من أهل بيته بوصية من النبي وبأمر من الله تعالى، ويشترطون في هذا المعنى من الامامة العصمة والنص وحصرها في علي والحسن والحسين ثم في ذرية الحسين كما حصرت الإمامة بعد إبراهيم في ذريته اسماعيل ثم اسحاق ثم يعقوب ثم حصرت في ذريته.

قال الله تعالى:

(وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) البقرة/124.

وقالى الله تعالى:

(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)الأنبياء/72-73.

وقال الله تعالى:

(أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ الله وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ الله وَمَا الله بِغَافِل عَمَّا تَعْمَلُونَ)البقرة/140.

والأسباط في الآية هم يوسف وذريته المعصومون.

إنَّ إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط يهدون الناس الى سنة إبراهيم بأمر الله تعالى.

والدليل على حصر الأمامة الخاصة بعد النبي في أهل البيت وبقاء الثاني عشر منهم إلى آخر الدنيا حديث المنزلة وحديث الثقلين وآية التطهير وحديث الكساء وحديث الإئمة إثنا عشر ونص السابق من الإئمة على لاحقه.

والشيعة المعاصرون شأنهم شأن الماضين من أسلافهم لم يتراجعوا عن اشتراط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية والحصر في اثني عشر في هذا المعنى من الإمامة.

المعنى الثاني: للإمامة معنى عام ويراد به منصب الحكومة وإقامة الحدود وهذا المعنى يعتقد الشيعة فيه انه للنبي (صلى الله عليه وآله) ومن بعده للأئمة الإثني عشر (عليهم السلام) ولم يتراجع عن هذا القول أحد إلا أن يتراجع عن أصل التشيع، أما في عصر الغيبة الكبرى فإن علماء الشيعة كانوا بين اتجاهين اتجاه يقول بتعطيل الحدود بعذر إن إقامتها خاصة بالمعصومين فقط، واتجاه يقول بجواز قيامها من قبل الفقهاء مع القدرة ولم يشترط أحد ممن يتبنى هذا الإتجاه في مقيمها أن يكون علويا حسينيا معصوما منصوصا عليه ودونك القائلين بهذا الإتجاه بدءا بأقدمهم الشيخ المفيد (ت413) وانتهاء بالإمام الخميني والشهيد الصدر وخلفائهما.

وفي ضوء ذلك يتضح أن السؤال خاطيء أساسا ومبني على الخلط بين قضيتين استخدم لفظ الامام للتعبير عنهما وهما

الأولى: قضية وجود حجج الهيين على الخلق بعد النبي شهداء على الناسكشهادة النبي (صلى الله عليه وآله) والنبي شهيد عليهم كما في قوله تعالى (وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ...) الحج/78.

الثانية: وهي قضية من له حق الحكم في الإسلام وهذه القضية قد شخصتها الآية (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلا تَشْتَرُوا بآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ)المائدة/44.

وباعتبار التقاء المعنيين في عصر الإئمة الإثني عشر في شخصهم (عليهم السلام)، فهم حجج الله بعد النبي، وحق الحكم منحصر بهم في زمان حضورهم بنص الآية، اندمج المعنيان في مصطلح الإمام وصار لدى الشيعة يدل على معنى ثالث يراد به كلا المعنيين وحصر مصداقه بعد النبي بالمعصومين الإثني عشر.

استهدف المتكلمون الأوائل للشيعة إثبات كلا المعنيين للإمامة لهؤلاء الإثني عشر لا غير، ولم يكونوا معنيين بمسألة الحكم كمسألة مستقلة.

ولست أدري لماذا هذا الإصرار من الأستاذ الكاتب على خلط المعنيين.

إن الموضوعية تقتضي بحث المعنيين كل على حدة لأنهما يشيران الى قضيتين مختلفيتين هما:

القضية الأولى: هل يوجد مبيِّنون معصومون للدين بعد النبي يكون بيانهم للسنة النبوية وتفسير القرآن كبيان النبي مع كونهم ليسوا بانبياء، ومن هم هؤلاء؟وكم عددهم؟.

القضية الثانية: من له أهلية وحق إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام في المجتمع الإسلامي بدءا من زمن النبي؟ هل كل مسلم كيفما اتفق؟أم هم صنف معين من الناس له مواصفات خاصة وشروط خاصة؟وهل يتصدى المؤهل كيفما اتفق أم لابد من طريقة خاصة؟.

ومما لا شك فيه أن البحث الأول مقدم على البحث الثاني وأكثر خطورة منه.

لقد بحثنا القضيتين في الحلقة الثانية من ردودنا عليك الفصل الأول ص16-44. وفي الحلقة الثالثة في مواضع متعددة يرجى مراجعة ذلك.

3. وزير الأرشاد الإيراني حفظه الله لم يكن مطلعا على ردودي عليك وقد وصله أخيرا. أما المديح الذي أشرتَ إليه فهو ليس مديحا وانما تأييد علمي من علماء معروفين بعلميِّتهم مسؤولين عن كلمتهم، وهو يبعث على السرور لا الغرور، وكذلك الحال مع كلمات القراء الكرام الذين عبروا عن مشاعرهم وانطباعاتهم التي تؤكد على فائدة ما كتبناه واعتزازهم به ونحن بدورنا نشكرهم على مبادرتهم في إظهار عواطفهم واعتزازهم.

4. قولك في القدس العربي-لندن العدد 3205 (ان الجو السائد في الحوزة فيما يبدو يميل إلى عدم البحث والإجتهاد في قضية ولادة المهدي ورفض مناقشتها بدعوى انها من العقائد الأساسية وقد عبَّر السيد سامي البدري من حوزة قم خلال برنامج (بلا حدود) الذي أذيع من قناة الجزيرة الفضائية يتاريخ 4/8 1999عن هذا الموقف بصراحة وقد أثار استغرابي لانه يتناقض مع إجماع الشيعة عبر التاريخ على ضرورة الإيمان والإلتزام بالعقائد الأساسية عن معرفة وإجتهاد ويقين وعدم جواز التقليد فكيف لمن يدعي العلم التقليد ومنع الآخرين عن الإحتهاد).

أقول:

لو راجع الأستاذ الكاتب شريط المقابلة ودقق في صوت المتحدث لعرف ان المتحدث باسم السيد سامي البدري لم يكن شخصه وإنما هو شخص آخر، وقد فوجئت شخصيا بذلك كما فوجيء الكثير من الأصدقاء ممن يميز صوتي وأُخبِرتُ فيما بعد بأن المتحدث هو فضيلة السيد حسين الكشميري(4) وقد أتصلت به للتأكد من ذلك / وبامكانك الاتصال به شخصيا للتأكد أيضا/ وعاتبته على عدم تصحيح الإشتباه في أول المداخلة أو آخرها فاعتذر بالغفلة وعدم قصد ذلك وله عذره على كل حال، وقد أخبرتُ مقدِّم برنامج (بلا حدود) بهذه الملابسة في اليوم الثاني وأرسلت له رسالة بالفاكس بذلك وكنت قد أرسلت له الحلقات الثلاث من ردودي عليك وكانت الحيادية منه تقتضي ان يشير اليها عندما ذكر اسمي كصاحب مداخلة وقد اعتذر عن ذلك بأنها وصلته بعد انتهاء المقابلة.

أما موقف علماء الشيعة من المسألة الإصولية العقائدية فهو كما ذكرتَ عن إجماعهم عبر التاريخ على ضرورة الإيمان والإلتزام بالعقائد الأساسية على أساس مواجهة الدليل مباشرة وعدم جواز التقليد فيها وهو من مفاخر متقدميهم ومعاصريهم وتلاميذهم.

أكرر شكري على مبادرتك ورسالتك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

سامي البدري

5 شعبان/ 1420

الرسالة الثانية

وكان رد الأستاذ احمد الكاتب على رسالتنا الآنفة الذكر ما يلي:

السيد سامي البدري المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طلبت مني في رسالتك الأخيرة عبر الانترنت المؤرخة 6 شعبان 1420 بحث موضوع وجود الشهداء بعد النبي (صلى الله عليه وآله) الذين تعتبر شهادتهم كشهادة الرسول ويعتبر قولهم وفعلهم وتقريرهم كقول وفعل وتقرير الرسول، وان نبدأ ببحث الآيات والأحاديث الواردة حول الموضوع، وطلبت مني كذلك التفريق بين معنيي الامامة الخاص الذي يعني - في نظرك - الحجية في القول والفعل، واشتراط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية المنحصر في الأئمة الاثني عشر، والمعنى العام الذي تقول انه يشمل الحكومة واقامة الحدود، وعدم الخلط بينهما.

وقلت ان الدليل على حصر الامامة الخاصة بعد النبي في أهل البيت وبقاء الثاني عشر منهم الى آخر الدنيا، هو حديث المنزلة وحديث الثقلين وآية التطهير وحديث الكساء وحديث الأئمة اثنا عشر، ونص السابق من الأئمة على اللاحق.

ورغم ذلك فقد أكدت ان المعنيين في مصطلح (الامام) اندمجا لدى الشيعة في معنى واحد ثالث، وصار يراد به كلا المعنيين، وحصر مصداقه بعد النبي بالمعصومين الاثني عشر، وهذا ما يدل على انك تحاول التفريق بين معنى الامامة بصورة تعسفية خلافا لما تعارف عليه الشيعة الامامية، واني لم اخلط بينهما، وانما أنت الذي تفرق بينهما بدون ضرورة.

وعلى أي حال فان نظرية الامامة الالهية ذات الشعبتين التشريعية والتنفيذية المنحصرة في الأئمة الاثني عشر، حسب رأي الفرقة الاثني عشرية - والا فان الشيعة الإسماعيلية الامامية او الواقفية لا يؤمنون بحصر الأئمة باثني عشر وقد يضيقون العدد او يفتحونه بلا حدود - وسواء قلنا بحصر الامامة في اثني عشر او لم نقل فان نظرية الامامة هذه تعتمد في قيامها واستمرارها على ثبوت ولادة ووجود ابن للامام الحسن العسكري، بغض النظر عن المناقشة في الأحاديث التي ذكرتها (حديث المنزلة والثقلين والكساء والاثني عشرية وآية التطهير) ومدى دلالتها وصحة سندها. فاذا استطعت ان تثبت ولادة ووجود الامام الثاني عشر بصورة علمية تاريخية، فان نظرية الامامة او الاثني عشرية قد تصح، اما اذا لم تستطع ان تثبت ذلك فان من العبث الحديث عن شىء لا وجود له في الخارج..

ولذا طلبت منك في رسالتي السابقة التي كتبتها قبل سنوات بعد صدور الجزأين الأولين من حلقاتك ان تبحث القضايا الرئيسية والجوهرية بدلا من ان تغوص في التفاصيل الجزئية والثانوية والهامشية، ولا زلت اعتقد ان البحث في معنى الامامة هو موضوع ثانوي يأتي بعد موضوع إثبات وجود الامام الثاني عشر المفترض، وكما قيل العرش ثم النقش.

وكأني بك تحاول ان تقفز عن هذا الموضوع الرئيسي المهم بتركيب بعض النظريات الكلية لكي تمهد الطريق نحو القول بفرضية وجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) وهو ما فعله المتكلمون السابقون في القرن الثالث الهجري الذين اصطدموا بالواقع وهو عدم وجود ولد للامام العسكري، وبدلا من ان يستسلموا الىالحق ويعيدوا النظر في نظرياتهم الخيالية وتأويلاتهم التعسفية وأحاديثهم المزورة أصروا على الباطل وافترضوا وجود ولد للامام العسكري بالرغم من نفي الامام ووصيته بأمواله الى أمه المسماة بـ (حديث) وعدم وصيته الى أحد من بعده بالإمامة.

وهذا ما عنيت به من الدليل الفلسفي الوهمي الافتراضي الذي نسج اسطورة (الامام المهدي محمد بن الحسن العسكري).

ان إصرارك على بحث موضوع نظرية الامامة تبعا للأحاديث (الضعيفة في المتن والسند) التي ذكرتها، بعد انهيار النظرية الاثني عشرية، قد يجرك الى الانتقال الى الإسماعيلية او البهرة، واذا أردت ان تعيد النظر في نظرية الامامة ككل فيمكنك ان تصل الى نظرية الشورى التي اعتقد انها النظرية السياسية لأهل البيت الذين لم يكونوا يدعون العصمة ولا النص ولا حصر الخلافة والإمامة في سلالتهم.

واعتقد ان مشكلتك هي في ممارسة القياس المذموم والمرفوض من أهل البيت، وتطبيق ما حدث في بني اسرائيل على الحالة الاسلامية، وتفسير كلمة (الأسباط) التي تعني القبائل اليهودية الاثنتي عشرة، بأوصياء النبي موسى، الذين تقول انهم اثنا عشر (بدون دليل) والتوصل تبعا لذلك الى ضرورة وجود اثنا عشر وصيا للرسول الأعظم من أهل البيت.

ولست في حاجة الى اتهامك باتباع عبد الله بن سبأ الذي يقال انه نقل هذه الفكرة من اليهودية الى الاسلام، وقال بكون الامام علي وصي النبي محمد كما كان يوشع وصيا للنبي موسى، فأنت تقوم بنفسك بالبحث في الإسرائيليات وقد تعلمت اللغة العبرية وجئت الى لندن لكي تفتش في الكتب اليهودية التاريخية عما يدعم نظريتك، علما بأن اليهود الأوائل الذين مارسوا القياس بين اليهودية والإسلام لم يقولوا بأكثر من وصي واحد، حيث لم تكن النظرية الاثني عشرية قد ولدت بعد، ولم يكن الشيعة الامامية قد حددوا الأئمة بعدد محدود قبل القرن الرابع الهجري. وقد طلبت منك مرارا ان تقوم بالتأكد من أحاديث الاثني عشرية وصحة نسبتها الى أهل البيت قبل ان تقوم بتأييدها من الإسرائيليات.

وفي الحقيقة اني عاتب عليك جدا وأشكوك الى الله، إذ أراك تستخدم الحوار معيبصورة ملتوية ولأغراض سياسية وإعلامية علمها عند اللهوذلك لأني كنت المبادر الى دعوتك للحوار حول موضوع المهدي، قبل ان انشره، في سنة 1992 وانتظرت مجيئك الى لندن عام 1995 وألححت عليك باللقاء فكنت تتهرب مني وتشترط التسليم في البداية بالفصل بين معنيي الامامة الخاص والعام، قلت لك لنجلس ونبحث، فرفضت اللقاء، وتوسلت اليك ان تدلني على مواضع الخطأ في كتابي، فقلت انا لا أرد على كتاب غير مطبوع، ثم نشرت ردودك قبل ان اطبع الكتاب، ومع ذلك لم تناقش الموضوع الرئيسي فيه والذي يشكل حجر الزاوية في الفكر الإمامي الاثني عشري وهو وجود وولادة الامام الثاني عشر، ونبهتك الى ذلك في رسالتي السابقة فوعدت في الحلقة الثالثة ان تفعل في المستقبل، ولم تقم بذلك حتى الآن.. ولا زلت تدور في الحواشي والجزئيات وتتهرب من مواجهة الموضوع الرئيسي.

أخي العزيز لماذا تضيع وقتك الثمين ووقت القراء؟ أرجوك الإجابة عن الاسئلة التالية

كيف تؤمن بوجود الامام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري)؟ عن طريق الأدلة الفلسفية الكلامية والنظريات الكلية العامة؟ أم عن طريق الأدلة التاريخية العلمية؟

ما هي تلك الأدلة التاريخية؟ وهل بحثت الروايات المختلفة الواردة حول الموضوع ودرستها وقارنت بينها؟

هل هي روايات معتبرة لديك؟ وهل تثق برجالها؟ وهل هي مسندة؟ أم ليست الا إشاعات أسطورية مضحكة لا ترقى الى درجة أخبار الآحاد الضعيفة؟

وكما تعرف فقد بحثت كل هذه المواضيع في كتابي (تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى الى ولاية الفقيه) بشكل مفصل، فاذا كان لديك أي رد او نقاش في هذا الموضوع فتفضل به، واذا كنت تسلم بما أقول وتعترف كبعض العلماء السابقين بالعجز عن إثبات وجود الامام الثاني عشر المفترض بالأدلة التاريخية العلمية، فلا تضيع وقتك ببحث ومناقشة الأمور الثانوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع....

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد الكاتب

لندن 7 شعبان 1420/15 تشرين الثاني 1999

 

 

 

الهوامش


(1) وقد عقدت شبكة هجر الثقافية على الإنترنيت ندوة حوار وطلب الأستاذ احمد الكاتب الإشتراك فيها وبعد ان سار الحوار معه شوطا جديا وأجيب على الكثير من مقولاته اعتذر عن مواصلة الحوار بحجة انه غير متفرغ!!! وانه كتب كتابا فمن عنده رد فليرد على كتابه!!!.

(2) لم أكن المتحدث وسيأتي توضيحه بعد قليل.

(3) القدس العربي - لندن/ العدد 3205 الجمعة 27 آب - 15 جمادى الاولى 1420.

(4) من أهل العلم في مدينة قم.