المجموعة الأولى 1-20
المجموعة الثانية 21-40
المجموعة الثالثة 41-60
المجموعة الرابعة 61-80
المجموعة الخامسة 81-100
المجموعة السادسة 101-120
أرسل كتاباً
الصفحة الرئيسية للموقع
 
 

المورد الخامس: احتجاج علي (عليه السلام) بحديث الغدير

قوله: لو كان حديث الغدير يحمل معنى التعيين لاشار الامام علي (عليه السلام) الى ذلك ولحاجج اصحاب الشورى بما هو اقوى  من الفضائل

اقول: لقد احتج علي (عليه السلام) بحديث الغدير وقد فصلنا ذلك في الحلقة الثانية /الفصل الثالث

نص الشبهة

قوله: (ولو كان حديث الغدير يحمل هذا المعنى (معنى التعيين) لاشار الإمام إلى ذلك وحاججهم (أصحاب الشورى السداسية) بما هو اقوى من ذكر الفضائل) ص 14.

الرد على الشبهة

1. أقول ان الهدف من جعل عمر الشورى في ستة أحدهم علي (عليه السلام) هو نفس الهدف من الاجتماع في السقيفة من دون حضور علي (عليه السلام)، لقد استهدف المخططون لكلا الحدثين مسألة الحكم مع استهداف أمر اضافي آخر في الشورى اريد تحقيقه وهو ان يخرج علي من الشورى وقد بايع لعثمان ولو جبراً وكرها ليؤمَن قيامه عليهم وقد فصلنا الحديث عن ذلك في الحلقة الثانية من هذا الكتاب.(1)

ولما كان الأمر كذلك فان الاجواء غير صالحة في كلا الموردين للاحتجاج لان القوم مصرون على تحقيق هدفهم بكل وسيلة ممكنة، حتى لو كان ذلك بإحراق باب بيت فاطمة (عليها السلام) أو تهديد علي بالقتل إذا لم يبايع أبا بكر أو لم يبايع عثمان قبل ان يخرج من بيت اجتماع أهل الشورى الستة.

ومع ذلك فقد سجلت بعض المصادر احتجاجاً لعلي (عليه السلام) بحديث الغدير على أهل الشورى السداسية كما في مناقب الخوارزمي ص 217 وفرائد السمطين للحمويني الباب الثامن والخمسين والدر النظيم لابن حاتم الشامي من طريق الحافظ ابن مردويه.(2)

2. ان دخول علي (عليه السلام) للشورى السداسية لم يكن بمحض اختياره بل اجبر على ذلك ويدل عليه ان عمر امر بقتل المخالف من الستة، اما سبب اكراههم عليا (عليه السلام)على  الدخول في الشورى فهو انهم كانوا يخشون منه (عليه السلام) انه إذا لم يدخل سوف يمتنع عن بيعة عثمان كما امتنع عن بيعة أبي بكر من قبل وسوف يلتحق هذه المرة به أناس كانوا قد قصروا في قصة السقيفة أو وقعوا في الشبهة، ومعنى ذلك احتمال تكامل العدد الذي يرجوه علي (عليه السلام) من الانصار فيقوم في وجه عثمان.

3. لو لم يكن حديث الغدير يحمل هذا المعنى (معنى التعيين والنصب لعلي (عليه السلام)من موقع خلافة الرسول الخاصة التي تفرض ان يكون حق الحكم خاصاُ به كما كان زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) خاصا بالرسول) لما احتج علي (عليه السلام) به ايام خلافته بعد قتل عثمان وقد مر تفصيل ذلك في الحلقة الثانية ص 55-65.

المورد السادس: الصحابة وحديث الغدير

قوله: ان الصحابة لم يفهموا من حديث الغدير او غيره من الاحاديث معنى النص والتعيين بالخلافة

اقول: بل الصحابة فهموا ذلك وبسببه منعوا تداول تلك الاحاديث بين الناس خمساً وعشرين سنة

نص الشبهة

قوله: (ان الصحابة لم يفهموا من حديث الغدير أو غيره من الأحاديث معنى النص والتعيين بالخلافة ولذلك اختاروا طريق الشورى وبايعوا أبا بكر كخليفة من بعد الرسول مما يدل على عدم وضوح معنى الخلافة من النصوص الواردة بحق الإمام علي أو عدم وجودها في ذلك الزمان) ص 14.

الرد على الشبهة

أقول: بل الصحابة فهموا من الحديث معنى النص والتعيين ولم يكن لديهم شك في ذلك وادل دليل على فهمهم هو منعهم تداول هذه الأحاديث شفاها وتدوينا لما استقرت السلطة بايديهم بل عمدوا إلى ما كتبه هذا وذاك من الصحابة من أحاديث النبي فجمعوه واحرقوه، وجرََّهم ذلك اخيراً إلى احراق المصاحف المنتشرة زمن النبي (صلى الله عليه وآله)بسبب ما يوجد بهامشها من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) المفسِرة للآيات النازلة في أهل البيت وقد ذكرنا طرفا من أخبار هذه المسألة في الحلقة الثانية من شبهات وردود ط 2ص 159- 163.

ويعضد ذلك ما رواه ابو الطفيل عامر بن واثلة من حديث المناشدة قال: (جمع علي (عليه السلام) الناس في الرحبة ثم قال لهم انشد الله كل امرىء سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام ثلاثون من الناس فشهدوا.

قال أبو الطفيل فخرجت وكأنََّ في نفسي شيئا فلقيت زيد بن ارقم فقلت له اني سمعت عليا يقول كذا وكذا قال فما تنكر قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك له).(3)

وقد كان ابو الطفيل من صغار الصحابة وكان مقيما في مكة وتوفي النبي (صلى الله عليه وآله) وعمره ثمان سنوات وفي ضوء ذلك يكون عمره لما بويع علي (عليه السلام) على الحكم ثلاثا وثلاثين سنة وكان مقيما في مكة ولم يسمع طوال هذه المدة بحديث الغدير بسبب منع السلطة روايته ورواية غيره من أحاديث النبي في أهل البيت (عليهم السلام)، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو ما الذي استنكره أبو واثلة من حديث الغدير حين سمعه لاول مرة وما الذي وقع في نفسه منه؟ ليس من شك ان الذي وقع في نفسه واستعظمه هو انََّ لعلي بحديث الغدير ولاية كولاية الرسول (صلى الله عليه وآله) على الأمة وهي اعظم من ولاية الحكومة اذ ولاية الحكومة من اثارها وفروعها وبالتالي فان كل من تقدم عليه في الحكم أو في غيره كان كأنه قد تقدََّم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)في ذلك.

اما قوله (ولذلك اختاروا اي الصحابة طريق الشورى وبايعوا ابا بكر) فقد المحنا في الحلقة الثانية من كتابنا هذا ان الذي جرى بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) كان انقلاباً قد خططله من قبل، وقد أشار إليه قوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلىَ أعْقَابِكُمْ...) وقد اوضحت أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله)الصحيحةالمروية في كتب السنة والشيعة تلك الحقيقة المرة.

وإلى القارىء الكريم طرفا منها:

روى البخاري بسنده عن ابن عباس قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تحشرون حفاة عراة... فاول من يكسى ابراهيم ثم يؤخذ برجال من اصحابي ذات اليمين وذات الشمال فاقول اصحابي فيقال انهم لم يزالوا مرتدين على اعقابهم منذ فارقتهم فاقولكما قال العبد الصالح عيسى بن مريم: (وَكُنْتَ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرَّقِيبُ عَلَيْهِمْ...).(4)

قال البخاري: (قال محمد بن يوسف ذكر عن ابي عبد الله عن قبيصة قال: هم المرتدون الذي ارتدوا على عهد ابي بكر فقاتلهم ابو بكر).

اقول: لقد حاول البخاري ومن قبله ان يوجهوا احاديث الحوض ويصرفوها عن الصحابة الى غيرهم ولكن حديث البراء بن عازب يؤكد خلاف ذلك فقد روى البخاري بسنده عن العلاء بن المسيب عن ابيه قال: (لقيت البراء بن عازب فقلت طوبى لك صحبت النبي (صلى الله عليه وآله) وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا ابن اخي انك لا تدري ما احدثنا بعده).(5)

وروى البخاري بسنده عن ابن المسيب انه كان يحدث عن اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (يرد على الحوض رجال من اصحابي فيحلؤون عنه فاقول يارب اصحابي فيقول انك لاعلم لك بما احدثوا بعدك انهم ارتدوا على ادبارهم القهقرى).(6)

وروى البخاري بسنده عن سهل بن سعد قال قال النبي (صلى الله عليه وآله): (اني فَرَطُكُم على الحوض من مرََّ عليَّ شرب ومن شرب لم يضمأ ابداً ليردن عليَّ اقوام اعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم).(7)

قال ابو حازم: فسمعني النعمان بن ابي عياش فقال، هكذا سمعت من سعد فقلت نعم. فقال اشهد على ابي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها: (فأقول (أي النبي(صلى الله عليه وآله)) انهم مني فيقال انك لا تدري ما احدثوا بعدك فاقول سحقا سحقاً لمن غير بعدي).(8)

وروى البخاري بسنده عن ابي هريرة قال النبي (صلى الله عليه وآله): (بينما انا قائم اذا زمرة حتى اذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم: فقلت اين؟ قال الى  النار، قلت وما شأنهم؟ قال انهم ارتدوا على ادبارهم فلا اراه يخلص منهم الا مثل همل النعم(9)).

وروى احمد في مسنده بسنده عن ام سلمة انه (صلى الله عليه وآله) قال: (ايها الناس بينما انا على الحوض جىء بكم زمراً فتفرقت بكم الطرق فناديتكم الا هلموا الى الطريق فناداني مناد: انهم قد بدلوا بعدك فقلت: الا سحقا سحقا).(10)

وروى احمد ايضا بسنده عن ابي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: (تزعمون ان قرابتي لا تنفع قومي؟ والله ان رحمي موصولة في الدنيا والآخرة اذا كان يوم القيامة يرفع لي قوم يؤمر بهم ذات اليسار فيقول الرجل يا محمد انا فلان بن فلان، ويقول الاخر انا فلان بن فلان، فاقول اما النسب قد عرفت ولكنكم احدثتم بعدي وارتددتم على اعقابكم القهقرى).(11)

اما قوله (او عدم وجودها في ذلك الزمان) فان كان يريد بذلك احتمال ان يكون حديث الغدير موضوعاً فلنقرأ إذن على كل الاحاديث النبوية السلام وذلك لانه لم يتوفر لاي حديث نبوي ما توفر لحديث الغدير من رواة فاذا احتملنا انَّ حديث الغدير موضوع كان كل حديث بعده اولى بهذا الاحتمال وحينئذ لا يثبت لدينا شئ من السنة النبوية المطهرة.

المورد السابع: رواية مكذوبة على علي (عليه السلام)

قوله: ان عليا (عليه السلام) قال انا دخلنا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلنا استخلف فقال لا، اخاف ان تفرقوا عنه.. وان وصية علي (عليه السلام) للحسن وصية اخلاقية روحية

اقول: الرواية التي اوردها لم تكن من تراث الشيعة وقد ردََّ عليها الشريف المرتضى وقال ان عليا (عليه السلام) وصى الى  ابنه الحسن واشار اليه واستخلفه.

نص الشبهة

قوله: (ويتجلى ايمان الامام علي بالشورى دستورا للمسلمين بصورة واضحة، في عملية خلافة الامام الحسن، حيث دخل عليه المسلمون، بعدما ضربه عبدالرحمن بن ملجم، وطلبوا منه ان يستخلف ابنه الحسن، فقال: لا، انا دخلنا على رسول الله فقلنا: استخلف، فقال: لا: اخاف ان تفرقوا عنه كما تفرقت بنو اسرائيل عن هارون، ولكن ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يختر لكم). ص 15.

الرد على الشبهة

اقول:

ان الرواية التي أوردها ونسبها إلى السيد المرتضى في كتابه الشافي رواية عامية رواها القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه (المغني)، وقد أورد القاضي المعتزلي رواية أخرى رواها عن أبي وائل شقيق بن سلمة والحكم عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) انه قيل له ألا توصي. قال: ما أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأوصي، ولكن ان أراد الله بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم) الشافي ج3/91 نقلا عن المغني وقد أجاب عنهما السيد المرتضى بقوله:

(ان الخبر الذي رواه عن أمير المؤمنين، لما قيل له ألا توصي فقال: (ما أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأوصي، ولكن ان أراد الله تعالى  بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم)، فمتضمن لما يكاد يعلم بطلانه ضرورةً.

والظاهر من أحوال أمير المؤمنين، والمشهور من اقواله وأفعاله جملةً وتفصيلاً يقتضي انه كان يقدم نفسه على أبي بكر وغيره من الصحابة، وانه كان لا يعترف لأحدهم بالتقدم عليه.

ومن تصفح الأخبار والسير، ولم تمل به العصبية والهوى، يعلم هذا من حاله علىوجه لا يدخل فيه شك.

ولا اعتبار بمن دفع هذا ممن يفضَّل عليه لأنه بين أمرين.

إما ان يكون عاميا أو مقلِداً لم يتصفح الأخبار والسير وما روي من أقواله وأفعاله ولم يختلط بأهل النقل، فلا يعلم ذلك.

أو يكون متأملا متصفحاً إلا ان العصبية قد استولت عليه، والهوى  قد ملكه واسترقه، فهو يدفع ذلك عناداً، وإلا فالشبهة مع الإنصاف زائلة في هذا الموضع.

على انه لا يجوز ان يقول هذا من قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه باتفاق (اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر)(12) فجاء عليه السلام من بين الجماعة فأكل معه.

ولا من يقول النبي (صلى الله عليه وآله) لابنته فاطمة (عليها السلام) (ان الله عز وجل اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها رجلين جعل احدهما أباك والآخر بعلك).(13)

وقال صلى الله عليه وآله فيه (علي سيد العرب).(14)

و(خير أمتي).(15)

و(خير من اخلف بعدي).(16)

ولا يجوز ان يقول هذا من تظاهر الخبر عنه بقوله صلوات الله عليه وقد جرى بينه وبين عثمان كلام فقال له: أبو بكر وعمر خير منك، فقال (أنا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما).(17)

ومن قال: (نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد).(18)

وروى عن عائشة في قصة الخوارج لما سألها مسروق فقال لها بالله يا أمه لا يمنعك ما بينك وبين علي ان تقولي ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه وفيهم قالت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (هم شر الخلق والخليقة يقتلهم خير الخلق والخليقة).

إلى غير ذلك من أقواله (صلى الله عليه وآله) فيه التي لو ذكرناها اجمع لاحتجنا إلى مثل جميع كتابنا ان لم يزد على ذلك.

وكل هذه الأخبار التي ذكرناها فهي مشهورة معروفة، قد رواها الخاصة والعامة بخلاف ما ادعاه مما يتفرد به بعض الأمة ويدفعه باقيها.

وبعد، فبإزاء هذين الخبرين الشاذين اللذين رواهما في ان أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يوص كما لم يوص رسول الله (صلى الله عليه وآله)الأخبار التي ترويها الشيعة من جهات عدة، طرق مختلفة المتضمنة انه عليه السلام وصى إلى الحسن ابنه، وأشار إليه واستخلفه، وارشد إلى طاعته من بعده، وهي اكثر من ان نعدها ونوردها.

فمنها ما رواه أبو الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) ان أمير المؤمنين لما ان حضره الذي حضره قال لأبنه الحسن (عليه السلام): (ادن مني حتى اسر إليك ما اسر إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وائتمنك على ما ائتمنني عليه).

وروى حماد بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: (أوصى أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن عليه السلام واشهد على وصيته الحسين ومحمداً عليهما السلام وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثم دفع إليه الكتب والسلاح).

في خبر طويل يتضمن الأمر بالوصية في واحد بعد واحد إلى أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام.

وأخبار وصية أمير المؤمنين عليه السلام إلى ابنه الحسن عليه السلام واستخلافه له ظاهرة مشهورة بين الشيعة واقل أحوالها واخفض مراتبها ان يعارض ما رواه ويخلص ما استدللنا به).(19)

المورد الثامن: الحسن (عليه السلام) لم يتنازل عن حقه

قوله: لو كانت الخلافة بالنص من الله والرسول لم يكن يجوز للامام الحسن ان يتنازل عنها تحت اي ظرف.

اقول: النص على اهل البيت ومنهم الحسن (عليه السلام) يفيد ان لهم مقامين: الاول: انهم شهداء على الناس بالقول والفعل والتقرير كالنبي (صلى الله عليه وآله) الا انهم ليسوا بانبياء وهذا المقام لا ينفك عن شخصهم وغير قابل للتعطيل من قبلهم وهو ثابت لهم سواء حكموا او لم يحكموا.

الثاني: أنهم أحق بالحكم احقية اختصاص وعلى الناس ان يبايعوهم.

وصلح الحسن (عليه السلام) مع معاوية انما جرى حول الحكم حسب ولم يتنازل عن حقه فيه وانما جمََّد القيام به مؤقتا لقاء شروط منها خضوع اهل الشام للحسن (عليه السلام) بعد موت معاوية، ومع ذلك فان الصلح لم يجعل من معاوية حاكما شرعيا.

نص الشبهة

قوله: (ولو كانت الخلافة بالنص من الله والتعيين من الرسول، كما تقول النظرية الامامية، لم يكن يجوز للامام الحسن ان يتنازل عنها لأي احد تحت اي ظرف من الظروف. ولم يكن يجوز له بعد ذلك ان يبايع معاوية او ان يدعو اصحابه وشيعته لبيعته. ولم يكن يجوز له ان يهمل الامام الحسين ولاشار الى ضرورة تعيينه من بعده.. ولكن الامام الحسن لم يفعل اي شىء من ذلك وسلك مسلكا يوحي بالتزامه بحق المسلمين في انتخاب خليفتهم عبر نظام الشورى). ص17-18.

الرد على الشبهة

اقول:

1. قد بينا في الحلقة الثانية ان استخلاف النبي (صلى الله عليه وآله) لأهل بيته الاثني عشر (عليهم السلام)يفيد أمرين وليس أمرا واحداً:

الأول: كونهم حججاً إلهيين شهداء على الناس بقولهم وفعلهم في الدنيا شفعاء لمن اخذ عنهم في الآخرة وهذا الموقع لا يتنازلون عنه ولو كلفهم ذلك حياتهم الشريفة.

الثاني: كونهم الأحق بحكم الناس أحقية اختصاص بمعنى ان حق الحكم خاص بهم في زمان حضورهم، وتصديهم لممارسة هذا الحق في الأمة مرهون بشروط بينتها سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) كما ان قعودهم عنه لفترة مؤقتة وبشروط معينة بينتها سيرة الحسن (عليه السلام) إذ كان من شروط الحسن (عليه السلام) ان يخضع اهل الشام للحسن بعد موت معاوية وإن حدث به حدث فليس لمعاوية ان يعهد لأحد وانما الأمر للحسين (عليه السلام) وان لا يسميه امير المؤمنين وان لا يقيم عنده شهادة وعلى أمان شيعة علي (عليه السلام) وغير ذلك من الشروط.

ومن الجدير ذكر هنا هو ان عدم تصدي الأئمة (عليهم السلام) للحكم لعدم توفر الشروط أو تنازلهم عنه او تجميدهم لممارستهم له لمصلحة ليس معناه شرعية حكومة المتصدي في قبالهم بل يبقى ذلك المتصدي في قبالهم غاصبا لحقهم وتبقى الأمة المقصرة عن نصرتهم والتي بايعت غيرهم بغير اذنهم آثمة.

2. ان قوله (ولم يكن يجوز للحسن ان يهمل الإمام الحسين ولا أشار إلى ضرورة تعينه من بعده ولكن الحسن لم يفعل أي شىء من ذلك) تخالفه عقيدة الشيعة والنصوص النبوية التي أشارت إلى علي والحسن والحسين، هذا مضافا إلى ان ابن المهنا في كتابه عمدة الطالب قد ذكر ان الحسن (عليه السلام) نص على الحسين في المعاهدة.(20)

المورد التاسع: الوصية في رسالة الحسين (عليه السلام)

قوله: لا توجد اية اثار لنظرية النص في قصة كربلاء سواء في رسائل الشيعة او رسائل الحسين (عليه السلام)

اقول: بل رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) الى اهل البصرة برواية الطبري عن ابي مخنف تذكر الوصية (علما ان الطبري وابا مخنف كلاهما يذهب الى ان الإمامة بالاختيار)

نص الشبهة

قوله: (ولا توجد اية آثار لنظرية النص في قصة كربلاء سواء في رسائل شيعة الكوفة إلى الإمام الحسين ودعوته للقدوم عليهم أو في رسائل الإمام الحسين لهم) ص18.

الرد على الشبهة

أقول: إذا كان الاستاذ الكاتب يريد أخبار قصة كربلاء كما رواها الطبري عن أبي مخنف صاحب كتاب مقتل الحسين (عليه السلام)فان أبا مخنف كان من رجال العامة ويرى الإمامة بالشورى  وينكر النص فكيف يترقب منه ان يروي كلمات الحسين (عليه السلام)أو أصحابه التي تشير إلى قول النبي (صلى الله عليه وآله) فيه وفي أخيه وأبيه من قبل؟

ومع ذلك كله فقد روى الطبري عن أبي مخنف عن رجاله كتاب الحسين (عليه السلام)إلى اهل البصرة (أما بعد، فإن الله اصطفى محمداً (صلى الله عليه وآله) على خلقه، وأكرمه بنبوته، واختاره لرسالته، ثم قبضه الله إليه وقد نصح لعباده، وبلغ ما أرسل به (صلى الله عليه وآله)، وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته واحق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا وكرهنا الفرقة، وأحببنا العافية، ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه، وقد احسنوا واصلحوا، وتحروا الحق، فرحمهم الله، وغفر لنا ولهم. وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب، وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)، فإن السنة قد أميتت، وان البدعة قد أحييت، وان تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).(21) وليس من شك ان قوله (عليه السلام) (وكنا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته واحق الناس بمقامه) وقوله (ونحن نعلم أنا أحق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه) يشير إلى النص والوصية وأولوية الاختصاص بحق الحكم، ولكن الرواة اضافوا إلى ذلك عبارة (عليه السلام) في الثناء على الخلفاء الثلاثة قوله (فاستأثر علينا قومنا بذلك فرضينا وكرهنا الفرقة... وقد احسنوا واصلحوا وتحروا الحق فرحمهم الله) وهذا الكلام واضح التزوير فان عليا (عليه السلام) لم يبايع من سبقه إلا كرها.

لقد اضاف الرواة هذا القول ليجعلوا الأولوية التي أشار إليها الحسين (عليه السلام) بقوله (وكنا.. أحق الناس بمقامه (صلى الله عليه وآله)) أولوية تفضيل وقد مر الكلام على ان اولوية اهل البيت(عليهم السلام) هي أولوية اختصاص في المورد الاول من الفصل الثاني.

 

 

 

الهوامش


(1) انظر فصل الشورى السداسية من كتاب شبهات وردود ح2.

(2) انظر الغدير للاميني (رحمهم الله) ج1/ 159-162.

(3) انظر من روى حديث المناشدة هذا في الحلقة الثانية من شبهات وردودص 59.

(4) البخاري كتاب بدء الخلق باب (واذكر في الكتاب مريم) وباب قوله تعالى واتخذ الله ابراهيم خليلا) وكتاب تفسير القرآن /المائدة. وكتاب الدعوات باب كيفية الحشر.

(5) البخاري كتاب المغازي باب غزوة الحديبية.

(6) البخاري كتاب الدعوات باب ذكر الحوض.

(7) البخاري كتاب الرقاق.

(8) البخاري كتاب الدعوات باب الصراط جهنم، وكتاب الفتن باب قوله (واتقوا فتنة لا تعيبن).

(9) البخاري كتاب الدعوات باب الحوض وقوله تعالى انا اعطيناك الكوثر.

(10) مسند احمد ج6/297.

(11) مسند احمد ج3/39.

(12) حديث الطير رواه جماعة من العلماء كالترمذي ج2/229 والنسائي في خصائصه ص 5 والحاكم في مستدركه ص/130و131 وابو نعيم في حليته 6/339، والخطيب في تاريخه 3/171، والمتقي في كنزه 6/406 والهيثمي في مجمعه 9/125 و126.

(13) انظر كنز العمال 6/153 ومستدرك الحاكم 3/129، وفي مسند احمد 5/26 (واما ترضين ان زوجتك خير امتي).

(14) مستدرك الحاكم 3/124، حلية الاولياء 1/63 و5/38 وفيهما (فقالت عائشة الست سيد العرب؟ قال: انا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب).

(15) مسند الامام احمد.

(16) كنز العمال 6/154.

(17) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 20/262.

(18) كنز العمال 6/218.

(19) الشافي ج3/99-102.

(20) انظر عمدة الطالب لابن المهنا ص 86 طبعة بيروت.

(21) تاريخ الطبري ج5 ص..